مرايا –

مع اقتراب نضوج ثمار الحمضيات في لواء الغور الشمالي، يضطر العديد من مزارعي الحمضيات الى إبرام اتفاقيات جانبية مع أشخاص معروفين في اللواء ويطلق عليهم “لصوص الحمضيات” تتضمن إعطاءهم مبلغا من النقود مقابل ضمانات بعدم سرقة الثمار ومحتويات المزارع.
وتعبر هذه الاتفاقيات عن حالة عجز لدى بعض المزارعين في منع عمليات السرقة الموسمية التي تتسبب لهم بخسائر، إضافة الى ما يمكن أن يلحقه لصوص الحمضيات من أضرار بالمزرعة ومحتوياتها.
وأكد عدد من مزارعي الحمضيات أنه وفي كل عام مع بدء موسم الحمضيات في لواء الغور الشمالي، يضطر الكثير من المزارعين الى المبيت في مزارعهم لحمايتها من لصوص الحمضيات، وخاصة في المنطقة الزورية، التي تبعد عن الأحياء السكنية.
وأضافوا أن هذا الإجراء قد لا يكون مجديا لدى العديد من المزارعين، خاصة وأن المبيت بالمزرعة فيه خطورة ومشقة.
وأشاروا الى أن المزارعين اتخذوا السبل كافة لحماية الثمار ولكن دون جدى، خاصة وأن أغلب المزارع تقع في المنطقة الزورية التي يصعب أن تصلها الدوريات الأمنية على مدار الساعة، إضافة الى صعوبة البقاء في المزارع خلال ساعات الليل من الناحية الأمنية جراء قربها من الحدود الإسرائيلية وغياب الخدمات.
وأكد المزارعون خالد البشتاوي، محمد الرياحنة، وعلي القويسم، أن الطريقة التي أصبح متعارفا عليها في اللواء لضمان عدم العبث بثمار الحمضيات وتجنب الخسائر هي إبرام اتفاقية مع أصحاب السوابق، وهم أشخاص أغلبهم معروفون من خلال توظيفهم لحراسة المزرعة، بما يعرف شعبيا بـ”حاميها حراميها”، أو إعطائهم مبلغا ماليا بشكل مباشر يمكنهم من توفير احتياجاتهم في سبيل عدم الاقتراب من مزارع المزارعين ويتم جمع ذلك المبلغ من أصحاب المزارع المتقاربة من بعضها.
ويؤكد مزارعو حمضيات، أن اللصوص هم من فئة الشبان المتعطلين عن العمل، ومن أصحاب الأسبقيات، وأحيانا من العمالة الوافدة.
وشدد المزارعون على ضرورة إيجاد حل جذري للتخلص من هذه الظاهرة، وللمحافظة على ثمار مزارعهم وجهودهم خلال الموسم الزراعي الذي يعتمد عليه العشرات في تأمين أنفسهم بالتزامات مالية تراكمت عليهم جراء خسائر زراعية سابقة.
ويقول المزارع صبري أبو عبطة، إن مزرعته تعرضت أكثر من مرة للسرقة العام الماضي، ما سبب له خسائر مالية كبيرة، مؤكدا أنه يعتمد في دخله على الضمان السنوي لهذه المزرعة.
وطالب الجهات المعنية بالعمل على إيجاد حل جذري يخلص المزارعين من تلك الظاهرة، التي أصبحت تؤرقهم في كل موسم حمضيات.
ويتابع أنه وفي كل موسم يخسر مبالغ مالية تصل إلى آلاف الدنانير، لأن السارق يستهدف أغلى الأصناف من الثمار، وهي البرتقال والليمون، ويكون ذلك مع بداية الموسم الزراعي، مشيرا إلى أن أغلب الحمضيات التي تباع بداية الموسم في الأسواق المركزية وعلى جوانب الطريق، والبسطات هي منتوجات مسروقة من المزارع.
ويقوم اللصوص بالعادة بمداهمة المزارع في أوقات متأخرة من الليل، وأحيانا في وسط النهار، مستغلين عدم وجود أصحابها فيها، مشيرا الى أنهم ينفذون خطة محكمة لسرقة المزارع بمراقبة أصحابها، خصوصا الذين يقطنون خارج اللواء، ثم يقومون بتهديد العامل الوافد الذي يعمل بالمزرعة ويضطر للسكوت للنجاة بحياته.
ويشير المزارع علي الواكد، أن القانون يقف بجانب السارق لأنه يتم إخلاء سبيل السارق بعد ثلاثة أيام من إيقافه، فيما يذهب ثمن المنتجات التي سرقها هباء منثورا، ولا يجد من يعيد له حقه المسروق، مؤكدا أنه ومن أجل ذلك لم يتقدم بأي شكوى رغم السرقات المتكررة التي تعرضت لها مزرعته.
الى ذلك، يؤكد سكان في لواء الغور الشمالي، أن سبب انتشار هذه الظاهرة هو تفشي ظاهرتي الفقر والبطالة بين صفوف الشباب اللواء، لغياب المشاريع الاستثمارية والسياحية، التي تعمل على تشغيل الشباب مما يدفع الشباب الى البحث عن طرق تسهل عليهم حياتهم.
ولا تقف الخسائر نتيجة عمليات سرقة الثمار، بل يعمل اللصوص على تخريب وتدمير العملية الزراعية من خلال العبث بموجودات المزرعة وتلويث البركة الزراعية، برمي الأسمدة أو مشروبات كيماوية، ناهيك عن العبث بالتمديدات المائية والأنابيب.
ومن جانبه، يؤكد مصدر أمني أن هناك العديد من الإجراءات الإدارية، التي تقوم بها المتصرفية في حال تم تحويل بعض قضايا سرقة ثمار الحمضيات إليهم من قبل رجال الأمن العام، مشيرا الى ان المتصرفية تقوم بفرض قيود الإقامة الجبرية على اللصوص يوميا، وفي أغلب القضايا يتم توقيفهم، كما يتم فرض كفالات مالية وتعهدات عدلية عليهم وفق أحكام القانون.
ويتوقع مزارعو اللواء ارتفاع حالات السرقة خلال هذه الأيام بسبب نضج ثمار الحمضيات، مطالبين بمراقبة السوق وحماية المزارع.
وتعد منطقة الشونة الشمالية من أكبر المساحات المزروعة بأشجار الحمضيات في المملكة، بحيث تصل إلى 60 ألف دونم زراعي، فيما تشكل نسبة زراعة الحمضيات في اللواء حوالي 90 % من العمل الزراعي.