مرايا –

بعد خمسة أيام من حصار مخيم شعفاط وعناتا شمال شرق القدس المحتلة والعقاب الجماعي لأكثر من 130 ألفا فلسطيني فيهما، أعلنا “العصيان المدني” الشامل لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

واستهل “العصيان” بتوزيع الخبز مجاناً على الأهالي، صباح الأربعاء، كوقود لنار “العصيان” في المخيم والبلدة المجاورة.

ورفض الأهالي نداءات مكبرات الصوت التي أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء بالإعلان عن أن الحاجز العسكري “مفتوح” ويسمح للأهالي بالمرور، في خطوة اعتبرها الأهالي التفافا خبيثا على العصيان.

ومنذ مساء الثلاثاء وحتى ساعات صباح الأربعاء انتشر مئات الفلسطينيين في أزقة مخيم شعفاط وشوارعه لتأمين سير “العصيان” في كافة مناحيه، حيث أغلقت المدارس وتعطلت المؤسسات والأسواق، والمحال التجارية لم تفتح أبوابها، العمال لم يذهبوا إلى أعمالهم، المركبات متوقفة ولا تتحرك إلا في الحالات الطارئة، المتاريس في الشوارع، ومظاهر الانتفاضة تتجلى في كامل المخيم.

إعلان العصيان في شعفاط وعناتا رافقه حراك اجتماعي قادته القوى السياسية والوطنية فيهما، مدعوما بالتفاف أهالي القدس عامة والمناطق المجاورة خاصة، والذين أعلنوا “إضراباً” شاملاً لكل مناحي الحياة.

كما ساندت العديد من المدن والمخيمات والبلدات والقرى بمؤسساتها وجامعاتها ومدارسها، مخيم شعفاط وعناتا في عصيانهما، بإعلان الإضراب الشامل ومنع الحركة والدعوات للتوجه لنقاط التماس والاشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وعمّ الإضراب التجاري، الأربعاء، أسواق مدينة طولكرم وجامعتها، دعما واسنادا لأهالي مخيم شعفاط وبلدة عناتا بالقدس.

وأغلقت المحال التجارية أبوابها، فيما عم الإضراب الشامل جامعتي فلسطين التقنية خضوري والقدس المفتوحة، بدعوة من مجالس اتحاد الطلبة وحركة الشبيبة الطلابية، وإلغاء كافة الفعاليات المقررة اليوم فيهما.

كما “شل” الإضراب الشامل، مرافق الحياة في عدة مناطق في محافظة الخليل، بما في ذلك جامعاتها، نصرة لمخيم شعفاط وعناتا.

وأعلنت جامعات بيرزيت والقدس -أبو ديس- والخليل وبيت لحم والقدس المفتوحة والبوليتكنك، عن وقفات وإضراب شامل.

على هذا النحو، يُسجل مخيم شعفاط بعصيانه، رسالة سياسية قوية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي التي كثفت في الأشهر الأخيرة هجمتها “السيادية المزيفة” على مدينة القدس، وآخرها محاولاته فرض منهاج الاحتلال على المدارس العربية لأسرلتها.

وأفاد شاهد عيان من المخيم، بأن الشبان لم يناموا في ضواحي القدس ليلة الثلاثاء، وقام بعضهم بتوزيع الخبز على الأسر المحتاجة، والتنسيق مع أصحاب المحلات التجارية والعمال لتأكيد سير العصيان.

وقال “القدس اليوم متوحدة مع مخيم شعفاط وعناتا، والكل يعمل يدا بيد كأسرة واحدة لضمان عصيان شامل بالتزام كامل من الأهالي الذين عانوا طيلة الأيام الخمسة الفائتة مرارة الحصار والإغلاق والإصابات بالرصاص والغاز والمياه العادمة، وغيرها من إجراءات الاحتلال الهادفة للنيل من أهالي مخيم شعفاط وعناتا.

وبحسب إحصاءات من المخيم، فإن 30 ألف فلسطيني لم يذهبوا لأعمالهم، وأكثر من 4 آلاف طالب لم يتوجهوا إلى مدارسهم.

عصيان مخيم شعفاط وعناتا أعاد الذاكرة إلى عصيان بيت ساحور قبل 33 عاماً، أبان الانتفاضة الأولى، التي “أبدعت” في “العصيان المدني” رفضاً لحصار الاحتلال البلدة وإجبار أهلها على دفع الضرائب.