مرايا –
عاش الفلسطينيون يوما داميا، أمس، وهم يشيعون جثامين الشهداء الستة الذين ارتقوا بعدوان الاحتلال الإسرائيلي، في مدينتي نابلس ورام الله بالضفة الغربية، وسط غضب شعبي عارم وتظاهرات حاشدة وإعلان الحداد والإضراب الشامل، إلى جانب توعد الفصائل الفلسطينية بالرد على جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
وعلى وقع رفع الاحتلال لحالة التأهب الأمني خشية الرد؛ فقد خلت الشوارع والأسواق والأحياء في مختلف أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة من روادها، مثلما أغلقت المنشآت والمحال التجارية أبوابها وتوقفت مجمل مناحي الحياة في المرافق الحكومية والتعليمية، تلبية لدعوات القوى والفصائل الفلسطينية، حداداً على أرواح شهداء الوطن المحتل.
وجابت المسيرات الشعبية الحاشدة أثناء تشييع جثامين الشهداء، شوارع المدن والبلدات والقرى والمخيمات، تم خلالها رفع الأعلام الفلسطينية، وسط غضب عارم وترديد الهتافات الغاضبة والمنددة بجرائم الاحتلال المتواصلة بحق الفلسطينيين، وانتقاد الصمت الدولي حيالها بدون رادع، وذلك بالتزامن مع اندلاع الاشتباكات العنيفة مع قوات الاحتلال.
وأعرب الأردن عن إدانته للاقتحامات الإسرائيلية المستمرة للمدن الفلسطينية والاعتداءات المتكررة عليها، وآخرها العدوان على مدينتي نابلس ورام الله فجر أمس.
وأستنكرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، أمس بشدة حملة التصعيد العسكرية الإسرائيلية التي تنذر بتفجر دوامة جديدة من العنف التي سيدفع الجميع ثمنها.
وحذرت الوزارة أن العنف لن يولد إلا المزيد من العنف وأن الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية والإجراءات التي تكرس الاحتلال مع استمرار الجمود الكلي في العملية السلمية يدفع باتجاه تصعيد خطير تتحمل إسرائيل مسؤوليته، ويهدد الأمن والاستقرار، ويقتل ما تبقى من أمل بفرص تحقيق السلام العادل وبجدوى العملية السلمية.
وأكدت ضرورة وقف إسرائيل كل عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين وجميع إجراءاتها اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام.
وشددت على أهمية تحرك المجتمع الدولي فوراً لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الشقيق، وإطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل الذي ينهي الاحتلال ويجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، على أساس حل الدولتين، ووفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
من جهتها أعلنت سلطات الاحتلال حالة التأهب الأمني خشية رد مجموعة “عرين الأسود” الفلسطينية على العدوان الإسرائيلي ضد نابلس، الذي أسفر عن خمسة شهداء، في ظل حصار مُحكم حول المدينة لليوم الخامس عشر على التوالي.
وعلى عكس الحملات الانتخابية الإسرائيلية الأخيرة؛ فإن انتشار عناصر شرطة الاحتلال لن يركز على مناطق الاقتراع استعداداً لإجراء الانتخابات العامة الخامسة في غضون أسبوع تقريباً، ولكن سيتم توزيعها بشكل مكثف في محاولة لمنع أي عملية فلسطينية في ذلك الوقت، وفق المواقع الإسرائيلية.
وفي وقت سابق أمس؛ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد خمسة فلسطينيين؛ بينهم القائد في مجموعة “عرين ألأسود” وديع الحوح (31 عاماً)، وحمدي شرف (35 عاماً)، وعلي عنتر (26 عاماً)، وحمدي قيم (30 عاماً)، ومشعل زاهي بغدادي (27 عاماً)، خلال اقتحام قوات الاحتلال نابلس وإطلاق الصواريخ والنيران الكثيفة أثناء وقوع الاشتباكات المسلحة والمواجهات التي نجم عنها أيضاً عشرات الجرحى الفلسطينيين.
فيما استشهد الشاب الفلسطيني قصي التميمي (20 عاماً) برصاص الاحتلال خلال مواجهات في مدينة رام الله، بالضفة الغربية.
ونددت القوى والفصائل الفلسطينية بعدوان الاحتلال المتواصل بحق الفلسطينيين، متوعدة بالرد على جرائمه، وداعية أبناء الشعب الفلسطيني إلى تصعيد المواجهة معه.
وأكدت حركة “حماس” أن “الاشتباكات المسلحة التي خاضها الشهداء، برفقة الشبان الفلسطينيين في نابلس والبلدة القديمة، تعكس مجدداً عزم الشعب الفلسطيني على الدفاع عن نفسه، واسترداد حريته، ووضع حد لتغول الاحتلال وإرهاب مستوطنيه”.
واعتبرت أن “الاشتباكات تبعث برسالة القوة والتحدي من مدينة نابلس إلى الاحتلال، لتأكيد عدم الاستسلام أمام جرائمه، وأن المقاومة ماضية بكل عزيمة في الرد بقوة حتى زوال الاحتلال”.
ودعت إلى “مواصلة النفير لردع الاحتلال، ونصب الكمائن وتذخير السلاح، واستهداف الاحتلال، والتربص له في المناطق كافة، تزامنا مع دعم صمود وثبات المقاومة الفلسطينية”.
من جانبه، قال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي، طارق سلمي، إن جريمة الاحتلال في نابلس تستدعي موقفا وطنيا موحدا يقضي بمواجهة العدوان والرد على جرائمه.
كما دعا القيادي في الحركة بقطاع غزة، خالد البطش، غرفة العمليات المشتركة للانعقاد للتشاور في سبل دعم وإسناد أهالي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، والاشتباك مع الاحتلال في نقاط التماس كافة.
بدورها؛ قالت حركة “فتح”، إن “الشعب الفلسطيني سيجابه عدوان الاحتلال، وسيدافع عن حقوقه الوطنية والتاريخية المشروعة”، داعية إلى تصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، وكسر الحصار عن أهالي محافظة نابلس.
وحملت الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية جرائمه المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، مطالبةً المجتمع الدولي بالتدُخل الفوري، ومحاسبة الاحتلال على تلك الجرائم.
فيما أكدت “الجبهة الديمقراطية” لتحرير فلسطين، أن دماء الشعب الفلسطيني ومقاومته وقادته لن تكون ورقة في صناديق الاقتراع الإسرائيلية، داعية لتصعيد المقاومة والاشتباك ضد الاحتلال والمستوطنين.
وبالمثل؛ قالت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية أن “مجزرة الاحتلال الوحشية في نابلس وحصاره لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني ولن تزيد المقاومة إلا ثباتاً”، داعية إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية حول برنامج موحد وتصعيد وتيرة المواجهة ووقف التنسيق الأمني بمختلف اشكاله.
من جانبه؛ قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن الرئيس محمود عباس يجري اتصالات عاجلة لوقف عدوان الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني في نابلس.
وأضاف أن الرئيس عباس يتابع عن كثب ما يجري في نابلس، ويشيد بصمود الفلسطينيين والدفاع عن أرضهم، واصفاً ما يجري من عدوان على مدينة نابلس بـ”جريمة حرب”، محملاً حكومة الاحتلال تداعيات هذا العدوان.
وقال أبو ردينة، إن “خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة كان بمثابة خريطة طريق، بينما ما تزال قرارات المجلس المركزي الفلسطيني على الطاولة”، في إشارة منه إلى قرارات سحب الاعتراف بالكيان الإسرائيلي وإلغاء الاتفاقيات الموقعة معه ووقف التنسيق الأمني.
وأكد ضرورة توقف سلطات الاحتلال عن جرائمها فوراً، محملاً الإدارة الأميركية المسؤولية وعليها التدخل فوراً لوقف العدوان وإنهاء الاحتلال، ولكنه اعتبر أن المجتمع الدولي يمارس إزدواجية المعايير، لكن الشعب الفلسطيني لديه العزيمة والقدرة العالية على الصمود.