اختتم السياسيون الإسرائيليون حملاتهم عشية انتخابات تشريعية هي الخامسة خلال أقل من 4 سنوات، يتطلّع من خلالها رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو للعودة إلى السلطة.
وقبل الإطاحة به في حزيران/يونيو 2021 على يد ائتلاف منقسم أيديولوجيا، شغل نتنياهو (73 عاما) رئاسة الوزراء لأطول فترة في تاريخ إسرائيل.
واستمر التحالف الذي يقوده حاليا يائير لابيد لعام واحد فقط، قبل أن يتم الدعوة إلى انتخابات الثلاثاء، التي ستشهد محاولة نتنياهو وحلفائه الحصول على أغلبية 61 مقعدا لتشكيل الحكومة وهي نتيجة استعصت عليهم في أربع انتخابات سابقة.
ولطالما اعتمد نتنياهو وحزبه الليكود على حلفائه من اليهود المتشددين لتشكيل الحكومة.
في تصويت الثلاثاء، من المتوقع أن يتوجه نتنياهو أيضا للحصول على دعم اليمين المتشدد بزعامة إيتمار بن غفير المعروف بخطابه المعادي للعرب ودعوته إلى ضم الضفة الغربية المحتلة بأكملها إلى إسرائيل.
وأكدت استطلاعات الرأي الأخيرة التي صدرت الجمعة، أن إسرائيل لا تزال غارقة في حقبة غير مسبوقة من الجمود السياسي.
ومنحت ثلاثة استطلاعات للرأي أجرتها قناتا 12 و13 الإسرائيليتين وشبكة “كان”، كتلة نتنياهو 60 مقعدا مع 56 مقعدا للأحزاب المناهضة له، فيما منحت الأحزاب العربية التي من غير المتوقع أن تدعم أي حكومة إسرائيلية أربعة مقاعد فقط.
وفي حال خابت توقعات استطلاعات الرأي ولم يتمكن أي من المعسكرين من الحصول على 61 مقعدا، فهذا يعني توجه إسرائيل إلى انتخابات سادسة بعد عدة أشهر.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في إسرائيل نحو 6.8 ملايين، وقد ارتفع هذا الرقم بقدار 210 آلاف مقارنة بالانتخابات الماضية التي أجريت في آذار/مارس 2021، لكن مراقبين يتخوّفون من مشاركة ضعيفة خصوصا بسبب لا مبالاة الناخبين وخصوصا المواطنين العرب، والأجواء الماطرة.
الاثنين، أعرب لابيد عن ثقته بالفوز، وقال للنواب من حزب “يش عتيد” أو “يوجد مستقبل” الذي يتزعمه، إنه “سيفوز في هذه الانتخابات” من خلال عرض متكامل يطرحه على الناخبين والمتمثل بـ”غضب الماضي أو الصالح المشترك للمستقبل”.
مرة واحدة
ويسعى نتنياهو بشكل دؤوب خلف رئاسة الوزراء والتي يسود الاعتقاد بأنه مؤهل كفاية لتوليها.
خلال حملته الانتخابية، تجول نتنياهو في حافلة محصنة ضد الرصاص والتي تسببت بموجة استهزاء فأطلقوا عليها “حافلة بيبي” وقارنوها بالعربة التي يتنقل بها بابا الفاتيكان.
وسعى نتنياهو إلى إيصال رسالة مفادها، أن التحالف الذي أطاح به العام الماضي والذي ضم حزبا عربيا لأول مرة في تاريخ إسرائيل كان “خطيرا” على إسرائيل.
وزينت الملصقات التي تحمل الحافلات في جميع أرجاء القدس المحتلة بملصقات لحزب الليكود تحمل صور المتنافسين الأربعة الرئيسيين مع شعار “مرة واحدة تكفي”.
وتظهر تلك الملصقات لابيد ووزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس وزعيم القائمة الموحدة منصور عباس، إضافة إلى عضو الكنيست والنائب العربي عن حزب الجبهة أحمد الطيبي.
الأحد، وجه الطيبي نداء باللغة العبرية للإسرائيليين اليساريين، وحثهم على المساعدة في منع نتنياهو من العودة إلى السلطة.
وقال الطيبي “بدوننا سيشكل اليمين حكومة أغلبية … نحن بحاجة لكم لمنعهم” من ذلك.
وفي تصريحات لراديو جيش الاحتلال الإسرائيلي الاثنين، نوّه نتنياهو إلى أن “مستقبل إسرائيل على المحك”.
وتساءل “أين نوع من الحكومة سيكون لدينا، حكومة لابيد والإخوان المسلمين” في إشارة إلى القائمة الموحدة بزعامة عضو الكنيست العربي منصور عباس.
وشدد نتنياهو “علينا كسر التعادل والفوز”.
تصاعد العنف
وتتزامن الانتخابات التشريعية في إسرائيل مع تصاعد حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والمستمر منذ عقود.
وحذر بعض المحللين من مخاوف من اندلاع انتفاضة ثالثة.
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قال في اجتماع المجلس الوزاري الأسبوعي إن “هذه الانتخابات لن تأتي بشريك للسلام”.
وطالب اشتية رئيس الوزراء الإسرائيلي القادم أن “يقف ويعلن أنه جاهز لإنهاء الاحتلال وإنهاء الصراع والتزامه بحل الدولتين”.
وتصاعد التوتر خلال الأشهر الأخيرة في شمال الضفة الغربية المحتلة، ولا سيما في منطقتي نابلس وجنين، حيث كثّفت قوات الاحتلال الإسرائيلي من مداهماتها وعملياتها العسكرية.
هذه المداهمات التي غالبا ما تتخللها اشتباكات مع السكان الفلسطينيين، خلفت أكثر من 120 شهيدا فلسطينيا وذلك في أكبر حصيلة في الضفة الغربية المحتلة منذ ما يقرب من 7 سنوات، وفق الأمم المتحدة.
ومنذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر، استشهد في الضفة الغربية المحتلة 29 فلسطينيا وقتل 3 إسرائيليين وفق حصيلة لوكالة فرانس برس.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عزمه إغلاق المعابر مع الضفة الغربية المحتلة الثلاثاء، مستثنيا الحالات الإنسانية من ذلك. كذلك ستغلق المعابر مع قطاع غزة المحاصر.
بالنسبة للمحلل السياسي نداف إيال، فإن العنف المتزايد يمكن أن يساعد نتنياهو في إقناع الناخبين بأنه الوحيد القادر على الحفاظ على سلامتهم.
وكتب إيال في صحيفة يديعوت أحرونوت، “غالبا ما يكون للإرهاب الكلمة الأخيرة في الانتخابات الإسرائيلية”.
وأضاف “إذا حصل ذلك فعادة ما تدفع حكومات يسار الوسط الثمن الانتخابي”.