القطاع المصرفي في الأردن متين ومستقر مقارنة بـ 165 من القطاعات المصرفية في جميع أنحاء العالم.
مرايا – بينت ورقة سياسات صادرة عن منتدى الإستراتيجيات الأردني أن القطاع المصرفي في الأردن يعتبر ثاني أفضل الدول استقرارا (من بين 165 دولة) بعد لوكسمبورغ التي جاءت في المرتبة الأولى، استنادا إلى بيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي.
وتقيس بيانات الصندوق مدى احتمالية تعثر النظام المصرفي من خلال احتساب ما يعرف بـالدرجة المعيارية (Z-Score). ويتم ذلك على أساس المقارنة بين الدول على أساس نسبة كفاية رأس المال والعوائد، ومستوى تقلب تلك العوائد.
وبينت الورقة، التي صدرت بمناسبة احتفال الأمم المتحدة العالمي باليوم الدولي للمصارف والذي يصادف الرابع من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، بأن الأسباب الكامنة وراء متانة القطاع المصرفي في الأردن يعود إلى مستوى الربحية (العائد على الأصول)، ونسبة كفاية رأس المال (مجموع رأس مال الأسهم إلى إجمالي الأصول)، ومستوى التقلب المنخفض (الانحراف المعياري للعائد على الأصول).
ورقة السياسات الصادرة بعنوان “البنوك العاملة في الأردن: 4 كانون الأول/ديسمبر اليوم الدولي للاحتفال بالبنوك”. تهدف إلى تقديم بعض المشاهدات حول أداء البنوك العاملة في الأردن، وتحديد درجة وترتيب القطاع المصرفي الأردني على مؤشر التطور المالي الصادر عن صندوق النقد الدولي.
واستعرضت الورقة أهمية الدور الذي تقوم بها الأنظمة المالية فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي والتنمية؛ متمثلةً في إنتاج المعلومات (المالية وغيرها) حول المشاريع الاستثمارية المحتملة، وتخصيص رأس المال بناءً على هذه المعلومات، ومراقبة اقتراض الأفراد والشركات، وتعزيز ممارسات حوكمة الشركات بعد الإقراض. إضافة إلى تسهيل تبادل السلع والخدمات والأوراق المالية، وتسهيل التعامل في الأوراق المالية وإدارة مخاطرها من خلال التنويع الاستثماري.
وفي هذا السياق، بين المنتدى بأن حجم أصول البنوك العاملة في الأردن وحجم إجمالي الودائع والتسهيلات الائتمانية ازداد بمستوى أعلى من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بشكل واضح مع مرور الزمن. إضافة إلى ذلك، تعد البنوك في الأردن المُقرض الرئيس للحكومة. فقد بلغت نسبة أذونات الخزينة والسندات الحكومية التي تحتفظ بها البنوك العاملة في الأردن خلال السنوات القليلة الماضية 52% من إجمالي أذونات الخزينة والسندات الحكومية.
وفيما يتعلق بالتسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاع الخاص، فبينت الورقة بأن قطاع البناء والتشييد استحوذ على النسبة الأعلى من إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة خلال الفترة ما بين (2018-2021)؛ بما نسبته (25.7%).
وأضاف منتدى الاستراتيجيات إلى أهمية دور البنوك في سوق عمان المالي؛ حيث بينت الورقة الصادرة عن المنتدى بأن عدد البنوك الأردنية المدرجة في بورصة عمان يصل إلى 14 بنكاً، لتشكل هذه البنوك جزءًا مهمًا من سوق رأس المال الأردني، إذ إن إجمالي أرباحها قبل الضريبة يساوي 59.9% من إجمالي أرباح جميع الشركات المدرجة في بورصة عمان (2019-2021).
وشكلت متوسط الضرائب التي دفعتها البنوك المدرجة في بورصة عمان خلال الفترة 2019-2021 ما نسبته 61.7% من مجموع الضرائب التي دفعتها جميع الشركات المدرجة. إضافة إلى ذلك، تشكل القيمة السوقية لهذه البنوك 50.5% من إجمالي القيمة السوقية لجميع الشركات المدرجة في بورصة عمان.
ونظرًا للأهمية الاجتماعية والاقتصادية التي تقوم بها الأنظمة المالية، قامت الورقة بمراجعة أداء الأردن على مؤشر التطور المالي الصادر عن صندوق النقد الدولي؛ والذي يقوم بقياس مدى تطور محوري المؤسسات المالية (البنوك والتأمين)، والأسواق المالية (سوق الأوراق المالية) من خلال ثلاثة مرتكزات أساسية (العمق، والوصول، والكفاءة)؛ حيث يتم المقارنة بين مختلف الأنظمة المالية لـ 189 دولة حول العالم.
وفي هذا الإطار؛ أشار المنتدى إلى تراجع أداء الأردن على مؤشر التطور المالي خلال العقود الأربعة الأخيرة، حيث تراجع ترتيب الأردن من المرتبة (6) في العام 1980 إلى المرتبة (68) في العام 2020 عالمياً. هذا وأشار المنتدى إلى أن السبب في تراجع أداء الأردن وترتيبه على مؤشر التطور المالي يعود إلى محور الأسواق المالية وليس محور المؤسسات المالية. فقد انخفضت درجة الأسواق المالية انخفاضًا كبيرًا من (0.56) في العام 1980 إلى (0.24) في العام 2020. في حين ارتفعت درجة المؤسسات المالية من (0.35) في العام 1980 إلى (0.45) في العام 2020.
وبالمقارنة بين أداء الأردن والدول العربية؛ أوضح المنتدى بأن أداء الأردن شهد تراجعًا واضحًا في محور الأسواق المالية؛ إذ كان يتصدر جميع الدول العربية في العام 1980، إلاّ أنه احتل المرتبة التاسعة عربيًّا في العام 2020. بالمقابل، ما زال يحافظ الأردن على مرتبته المتقدمة عربيًّا في محور المؤسسات المالية؛ إذ كان يحتل المرتبة الثانية عربيًّا في العام 1980، ويحتل المرتبة الثالثة عربيًّا في العام 2020.
ولتحسين أداء الأردن على مؤشر التطور المالي، شدد منتدى الاستراتيجيات الأردني على أهمية تنفيذ مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي التي تشتمل على 8 محركات اقتصادية رئيسة، بما في ذلك “محرك الخدمات المستقبلية” الذي يتضمن عددًا من المبادرات المتعلقة بالأسواق والخدمات المالية.
وأكد المنتدى على أن تعزيز الدور التنموي لقطاع الأسواق والخدمات المالية يتطلب العمل على ثلاثة محاور رئيسية من خلال تنفيذ المبادرات المرتبطة فيها، حيث يعتمد المحور الأول على زيادة وصول الأفراد والقطاع الخاص للتمويل. مشدداً على أهمية تحديث استراتيجية الشمول المالي، وإطلاق حملة لرفع مستوى الوعي والثقافة المالية. إضافة إلى ضرورة التوسع في إقراض المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتطوير قائمة معتمدة مسبقًا بأسماء الجهات المانحة والمقرضة لشركات التمويل الأصغر.
أما المحور الثاني فيعتمد على تعزيز قطاع التأمين ودوره التنموي في الاقتصاد الأردني، حيث شدد المنتدى على ضرورة السعي حول إعادة هيكلة قطاع التأمين وتأسيس شركة محلية لإعادة التأمين، استناداً إلى ما جاءت به الرؤية.
وفيما يتعلق بالمحور الثالث؛ أوصى المنتدى إلى تنمية القطاع المالي من خلال تطوير خارطة طريق لتنمية القطاع المالي، وتطوير سوق رأس المال ليصبح أكثر سيولة وعمقًا (الأسهم والسندات)، وتسريع التحول الرقمي في القطاع المالي. إضافة إلى تطوير التشريعات والأنظمة المالية لتتسم بمزيد من المرونة والاستجابة السريعة لمتطلبات قطاع التقنيات المالية.
وأكد المنتدى إلى أن التنفيذ السريع والجيد لمبادرات الأسواق والخدمات المالية سينعكس إيجابًا على أداء الأردن في مؤشر التطور المالي. حيث أنه بازدياد نسبة الاشتمال المالي، والتوسع في إقراض المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، سيزداد عدد عملاء البنوك، ونسبة الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص. كما أن نجاح المبادرات المتعلقة بقطاع التأمين سترفع من إجمالي أقساط التأمين في الأردن. علاوةً على أن تطوير سوق رأس المال سيسهم في تنمية القطاع المالي ككل.