مرايا –
طالب مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية الحكومة، بوقف اعتماد الشركات المساندة بحجة “تشغيل” الأيدي العاملة بأجور منخفضة وامتيازات متدنية أو شبه معدومة، مؤكدا أن هذه الشركات تمارس انتهاكات عديدة بحق عامليها، لا تقتصر على انخفاض الأجور وأجور التأمين الصحي والحمايات الاجتماعية المقدمة.
وقال الفينيق في تقرير صدر عنه أمس بعنوان “الشركات المساندة.. طريق المنشآت الكبرى لتخفيض النفقات على حساب العاملين”، إنه يتوجب تنظيم عمل الشركات المساندة، بإصدار نظام خاص يلزمها بإبرام اتفاقيات المتعهدين باعتماد أجور وحمايات اجتماعية مماثلة لتلك التي يتمتع بها موظفو الشركة الأصلية، وتضمين العقود المبرمة شروطا وضمانات للمساواة بالأجور والامتيازات مع موظفي الشركات الكبرى.
ولفت التقرير إلى مبدأ عمل الشركات المساندة الذي يقوم على تشغيل موظفي ميدان لحساب الشركات الكبرى بأجور منخفضة، لا تكاد تُجاوز خمس ما يتقاضاه الموظفون المثبتون في الشركات الكبرى، مبينا أن مقابلات اجراها المركز مع عاملين في شركة كبرى، كشف عدد من الفنيين أن فرق الأجور مقارنة بنظرائهم من الكبرى التي يعملون لصالحها، قد يراوح بين 500 دينار و1000 دينار، مع أنهم يؤدون المهمة والوظيفة ذاتهما وفي الميدان والمنطقة نفسهما.
وفيما يتقاضى العامل الفني في الشركة الكبرى أجراً كاملاً، يشمل العلاوات والمواصلات يراوح بين 800 وألف دينار، وقد يصل مع العمل الإضافي لـ1200 دينار، يتقاضى العامل في الشركة المساندة أجراً يراوح بين 300 و600 دينار، يشمل العمل الإضافي وعلاوة الخطورة.
ويحرم عمال الشركات المساندة، كذلك من حوافز رواتب الـ13 والـ14 والـ15 التي يتقاضاها زملاؤهم الفنيون المثبتون في الشركة الكبرى، كما أن علاوة الخطورة التي يتقاضاها موظفو “الكبرى” تتراوح بين 70 – 100 دينار، في وقت تكتفي فيه “المساندة” بدفع 15 ديناراً فقط لعامليها.
وذكر عامل لـ”الفينيق” أنه يتقاضى راتباً يتراوح بين 270 إلى 320 ديناراً، وذلك في حال الحصول على فرق المواصلات، وأمّا في حالة البقاء جابيا “احتياط” يثبت أجره الشهري عند 270 دينارا، حيث لا يحصل هو والعاملون في الشركة المساندة، لا يحصلون على علاوات خطورة عمل، برغم تعاملهم مع أدوات كهربائية خطرة في أوقات عديدة، فضلاً عن أنّهم، وبرغم مرور سنوات على عملهم، لا يحظون بزيادات سنوية.
وبشأن الحمايات الاجتماعية لهم والتي تتمثل بانتسابهم للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، فإنهم نفذوا احتجاجات سابقة، طالبوا فيها برفع أجورهم للحصول على رواتب تقاعدية أفضل في قادم السنوات، لأنهم لا يرون أي عدل في أن يحصل الفني في الشركة الكبرى على تقاعد، قد يصل ألف دينار وأكثر، في حين قد لا تصل رواتبهم التقاعدية بعد أكثر من 20 سنة الى 400 دينار.
وبين التقرير، انه وعند الحديث عن أجر مسجل في الضمان لا يُجاوز 400 دينار، فإنّ حالة العجز أو الوفاة نتيجة إصابة العمل، لن تخلف راتباً مناسباً لعاجز له متطلبات خاصة، أو حتى لورثة توفي والدهم خلال عمل خطر، ويصرف لهم 75 % من أجره المسجل في الضمان، لأن بعض العلاوات والعمل الإضافي، الذي يختلف بين شهر وآخر، لا تعتمده الشركة ضمن الراتب الشهري الخاضع للضمان.
يضاف إلى ذلك اشتراكات التأمين الصحي المعتمدة من إدارات الشركات المساندة، مقارنة بما يحصل عليه الموظفون المثبتون في الشركات الكبرى بالوظيفة ذاتها، فالعاملون في الشركات المساندة، لا يتمتعون بجودة عالية من التأمين الصحي، إذ أكد عامل لـ”المرصد العمالي الأردني” أن التأمين لا يعالجه من الزكام أو الانفلونزا، كذلك يشتكي آخرون من عدم تغطية التأمين العائلي لأمراض أبنائهم وزوجاتهم، فضلاً عن انخفاض جودة الأدوية والخدمات المتاحة.
ولا تقف المسألة عند هذا الحد من الانتهاكات، بحيث كشف أحد العاملين أنه كان يقتطع من راتبه الأساسي، البالغ 320 ديناراً، 50 ديناراً شهرياً لقاء التأمين الصحيّ لأبنائه، ليكتشف بعد ستة أشهر وخلال مراجعته لأحد المستشفيات، بأنّ الأبناء غير مشمولين بالتأمين الصحي، ولدى مراجعته إدارة الشركة، طلبت منه أن يحاسب المستشفى ويستخرج فواتيرها، ليضطر لاستدانة 300 دينار لتغطية دخول ابنيه المستشفى مع الفحوصات مدة يومين.
وقال التقرير “في ظل ضعف جودة الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة، فإنّ العاملين وذويهم باتوا بحاجة ماسّة لتأمين صحي خاص، يؤمّن حاجتهم للخدمات الصحية المتقدمة من تشخيص وإجراءات جراحية وأدوية، باعتبارها أدنى معايير حصول العامل على حقه في الرعاية الصحية”.
وشرح التقرير أنه بالإضافة للتمييز في الأجور والحمايات الاجتماعية، يعاني العاملون من عدم الاستقرار الوظيفي في العمل، وعدم اعتماد أي نظام داخلي او نصوص تنظم العلاقة بين العاملين والإدارة، حيث يفيد الفنيون في المساندة، بأنّ أيّ عامل في الشركة الكبرى قادر على إنهاء خدمات أو إيقاف فنيّ من ذوي الخبرة فيها.
ولفت التقرير انه لا يمكن الحديث عن الاستقرار الوظيفي دون التطرق إلى شكاوى عقود العمل لدى الشركات المساندة، فمثلا؛ فنيو الكهرباء تراوح خبرات من تواصلنا معهم بين 3 الى 8 سنوات في ذات الشركة، لكنهم وبرغم ذلك يجددون عقودهم سنويا دون الحصول على نسخ منها، ولا تقف المسألة عند ذلك؛ إذ أنهم وعند تجديد العقود، يجبَرون على توقيع استقالات ومخالصات، يقرّون فيها عدم مسؤولية الشركة عن أي ذمم مالية لهم، فضلاً عن إجبارهم على توقيع العقود دون قراءتها.
ما عزز “استمراء” الشركات المساندة، لممارسة هذه الانتهاكات جميعا هو غياب وجود مظلات نقابية ترعى حقوق العمال وتدافع عنهم، أو تؤدي دور المفاوضة الجماعية وإدارة الاحتجاجات السلمية للعمال، وهو ما دفع العاملين في إحدى الشركات المساندة، للاحتجاج والإضراب وإعلان مطلبهم على الملأ بضرورة ضمهم للنقابة العامة للعاملين في قطاعهم بحسب التقرير.
واضاف التقرير “إنّ وجود مثل هذه الشركات على شكل ما يسمى بتطوير الأعمال والمساندة، لتشغيل الأيدي العاملة، لا يخلق إلّا تراجعا في شروط العمل؛ فالشركات الكبرى صارت تعتمد عليها للتهرب من دفع امتيازات عديدة كالحوافز والعلاوات والتزامات التأمين الصحي والضمان الاجتماعي وغيرها، ولا بدّ اليوم من إيقاف هذا النوع من الشركات أو العمل على تنظيمها بحيث لا تفرّق بين عامليها والعمال في الشركات الأم، لأنّ هدفها اليوم يقوم على أساس التمييز بين العاملين في ذات الوظيفة والمهمة والإدارة لأغراض خفض النفقات لمصلحتها.”
وفي حال عدم إيقافها أو إعادة تنظيم عملها، ستغدو الشركات المساندة أساساً لعمل الكثير من منشآت القطاع الخاص والشركات الكبرى، على حساب العمال وحقوقهم وميزاتهم، ما سيزيد الاستثمار بهذه الشركات، وبالتالي ارتفاع دخلها وأجور كبار الموظفين، وانخفاض أجور الحاصلين على شهادات التعليم المهني، من خلال مؤسسات التدريب المعتمدة كما يرى التقرير.