وسط مخاوف من تصعيد العنف المحتدم منذ شهور بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والذي بلغ ذروته بعد مداهمة إسرائيلية في جنين قبل يومين، كان الهجوم على كنيس بالقدس، بمثابة جرس إنذار من أن الصراع قد يخرج عن نطاق السيطرة.

وقتل مسلح فلسطيني ما لا يقل عن سبعة أشخاص وأصاب ثلاثة آخرين في معبد يهودي على أطراف القدس يوم الجمعة، في هجوم جاء غداة “أعنف” غارة إسرائيلية على الضفة الغربية منذ سنوات.

وبينما نددت دول غربية وعربية بالهجوم على كنيس بالقدس وبالتصعيد عمومًا، كانت الفصائل الفلسطينية تنظر إلى الهجوم الأخير، نظرة مختلفة.

فكيف رأت الفصائل الفلسطينية هجوم القدس؟

في رام الله، أكبر مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، تسببت أنباء الهجوم في تجمعات عفوية في الشوارع وإطلاق نار احتفالي، في حين اجتمع حشد من الناس أمام مستشفى هداسا في القدس الذي يعالج به بعض الجرحى، وهتفوا قائلين: “الموت للإرهابيين”.

وفي بعض مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، نزل الفلسطينيون إلى الشوارع للاحتفال بالهجوم من خلال توزيع الحلوى وإطلاق الألعاب النارية، بحسب صحيفة “جيروزاليم بوست”.

ورحبت عدة فصائل فلسطينية بهجوم القدس، زاعمة أنه كان “ردا طبيعيا على الجرائم الإسرائيلية” وأظهر أن الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة متحدون في القتال ضد إسرائيل.

جاء الهجوم بعد يوم واحد من تهديد بعض الفصائل الفلسطينية بالثأر لمقتل تسعة فلسطينيين، معظمهم مسلحون، خلال عملية عسكرية إسرائيلية ضد حركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين للاجئين.

رد طبيعي

وقال المتحدث باسم حركة حماس محمد حمادة: “عملية القدس هي رد طبيعي على مذبحة جنين (..)شعبنا لا ينسى دماء شهدائه وينتقم لموتهم في الزمان والمكان المناسبين”، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين “متحدون وراء المقاومة”.

وأضاف متحدث حركة حماس: “المعركة طويلة. شعبنا سيواصل طريق المقاومة كخيار استراتيجي لتحقيق تطلعاته”، فيما قال مسؤول آخر في حماس يدعى عبد اللطيف قانو، إن الهجوم يمثل بداية الرد الفلسطيني على “جرائم حكومة المستوطنين”.

وأضاف قانو أن “العملية البطولية أظهرت عجز إسرائيل عن مواجهة أبطال المقاومة”، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ما زالوا موحدين في القتال ضد إسرائيل.

ورحبت حركة الجهاد الإسلامي، ثاني أكبر حركة في قطاع غزة بعد حماس، بـ”العملية البطولية”، قائلة إنها ترسل رسالة إلى إسرائيل مفادها “أن الفلسطينيين مستعدون للرد على جرائمها”.

وقالت حركة الجهاد الإسلامي: “هذه العملية جاءت في الوقت والمكان المناسبين انتقاماً لدماء الشهداء في مخيم جنين والضفة الغربية”، مشيدة بـ “شجاعة” ومنفذ الهجوم، واصفًا إياه بـ”الشهيد”.

وقالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في بيانين منفصلين إن “العملية البطولية” تظهر أن “المقاومة” الفلسطينية ستستمر، مضيفة أن “العملية البطولية هي تجسيد لإرادة شعبنا”.

رسائل فلسطينية

وتابعت: “لقد حذرنا من ذلك مرارًا وتكرارًا، لكن المجتمع الدولي لم يستجب لدعوات وقف العدوان الإسرائيلي، ووضع حد لإراقة دماء الفلسطينيين”.

وأشادت لجان المقاومة الشعبية، وهي تحالف من فصائل مسلحة مختلفة في قطاع غزة، بالهجوم ووصفته بأنه “عملية بطولية”، قائلة إن الهجوم “يبعث برسالة مفادها أن الفلسطينيين والمقاومة لن يستسلموا أبدًا”. ودعت الفلسطينيين إلى النزول إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم بالهجوم وتمسكهم بالمقاومة المسلحة ضد إسرائيل.

وقالت حركة فتح التي يرأسها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في بيان مساء الجمعة، إن “انفجار الأوضاع كان نتيجة حتمية لتصعيد جرائم الاحتلال بحق شعبنا”.

وقالت فتح: “حذرنا من ذلك مرارا، لكن المجتمع الدولي لم يستجب لدعوات وقف العدوان (الإسرائيلي) ووضع حد لإراقة دماء الفلسطينيين. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه كبح السلوك العدواني للحكومة الإسرائيلية”.