مرايا –

فيما يترقب أهال محافظة معان ان يتم انجاز مشروع تأهيل وترميم قصر الملك عبد الله الأول المؤسس، في مدينة معان، والمتعثر منذ اكثر من 18 عاما، كشفت مصادر عاملة على تنفيذ المشروع أن نسبة الانجاز بلغت أكثر من 85 % متوقعة الانتهاء منه خلال اشهر قليلة.
وقالت المصادر إن المشروع وصل إلى مراحل التنفيذ النهائية وبكلفة تقدر بنحو 3 ملايين دينار، وينفذ بتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني، بهدف تطوير “القصر” وتحويله إلى متحف وطني، يحاكي تاريخ الدولة الأردنية ونشأتها وتأسيسها، بعد أن بات مكانا مهجورا وغائبا عن المشهد والحراك السياحي نتيجة اغلاق أبوابه أمام الوفود السياحية الزائرة منذ 18 عاما، ما أفقده قيمته التاريخية.
ويشرف على تأهيل وترميم القصر إحدى الشركات الهندسية، ومقاولون متخصصون بمجالات الترميم وإعادة تأهيل المواقع الأثرية، فيما يقام المشروع على مساحة 27 دونما، ويتكون من 9 مبان ومعالم أثرية تراثية قائمة، تتعلق بمساكن الملك عبدالله الأول الذي يعود تاريخها إلى بداية القرن العشرين وكانت بحاجه إلى تجديد وإعادة صيانة، حيث يتم تحديث وترميم الموقع الذي سيحتوي على ثلاثة متاحف، إضافة إلى تجديد المباني القائمة، وإنشاء مبان جديدة وساحات خارجية ومبان خدمية وسياج خارجي، وتنسيق الموقع بصورة متكاملة، وفقاً للمخططات والمواصفات الموضوعة ووثائق العقد التي أعدت لهذا الغرض.
وراعت التصاميم الجديدة للقصر القيمة التاريخية والحضارية، ليصبح معلما وطنيا يحوي بين أروقته، مقتنيات الملك المؤسس، وصوره وشواهد ووثائق تتعلق بالثورة العربية الكبرى، والأحداث التاريخية المهمة التي شهدها القصر.
وكشف موظفون في مبنى القصر، طلبوا عدم نشر أسمائهم، أن مراحل أعمال الصيانة وإعادة تأهيل وترميم القصر شهدت محطات من التعثر والتوقف منذ انطلاقها في عام 2005، وأبقته غير جاهز لاستقبال الزوار، بالرغم من تصريحات المسؤولين في الحكومات المتعاقبة لدى زياراتهم المتعددة لمبنى القصر وتأكيداتهم بإعادة استئناف العمل بالمشروع.
وقالوا، إن المشروع واجه عثرات وأخطاء إدارية وتنفيذية في المرحلة الثانية تحديدا والتي بدأت العام 2009 حيث بلغت قيمة عطاء المشروع آنذاك المحال إلى شركة محلية مليون و 762 ألف دينار، ومنذ ذلك العام توقفت عمليات التطوير والترميم والصيانة للقصر بشكل نهائي لأسباب مالية، وترك المبنى غير مهيأ لاستقبال الزوار، وتحول إلى مكان مهجور يعاني الإهمال والتهميش، حتى طاله النسيان منذ سنوات طويلة مضت، ما أدى إلى تردي أوضاعه، بعد أن كان قبلة للزوار الأجانب والعرب وطلبة المدارس والجامعات.
ويترقب أهال مدينة معان بشغف الانتهاء من إنجاز أعمال تطوير “القصر” وفتح أبوابه مجددا ليعود تحويل المبنى إلى متحف وطني بالفائدة على المحافظة، ويكون قبلة للزوار، كونه يعد أحد ابرز وأهم المعالم التاريخية في المحافظة، والذي ما يزال يستحضر عبق تاريخ تأسيس الدولة الأردنية، واعتباره مصدر إشعاع تنويري.
ويرى المؤرخ والباحث ومدير قصر الملك المؤسس السابق محمد عطاالله المعاني أن إعادة افتتاح مرافق مبنى قصر الملك المؤسس أمام الزائرين مجددا سيكون له الاثر المهم والكبير، لافتا إلى ان القصر سيكون محجا لأبناء الوطن، مثلما كان محجا للمثقفين والشعراء وديوانا سياسيا ومصدر إشعاع تنويري لكل أحرار العرب.
وأشار المعاني، إلى أنه تقرر تحويل القصر إلى متحف وطني رسمياً عام 2012 ليكون معلما حضاريا يجسد الرسالة التي أرسى دعائمها الهاشميون، ومجمعا سياحيا وطنيا شاملا يحكي قصة التاريخ السياسي للأردن، بما يعزز القيمة التاريخية والحضارية والسياحية في مدينة معان، لافتا إلى أهمية استغلال القصر وإعادة إحيائه في دعم المجتمع المحلي بما سيوفر فرص عمل دائمة ومؤقتة لأبناء المنطقة، فضلا عن الدخل الذي سيعود على المدينة بعد نزول الأفواج السياحية فيه ليكون رافدا مهما للسياحة في المنطقة.
وبين أهمية القصر الذي اتخذه الملك المؤسس كمقر للدفاع الوطني، أثناء تواجده في معان التاريخية والحضارية والسياسية في الدولة الأردنية، ليعزز مفهوم الثقافة الوطنية لدى الطلبة في الجامعات والمعاهد والمدارس، كونه تحفة معمارية مميزة، إضافة إلى أنه شاهد حي على ولادة الدولة الأردنية الحديثة.
وأشار نائب رئيس مجلس محافظة معان محمود جميل آل خطاب، إلى أهمية إعادة القصر إلى مكانته التاريخية من خلال سرعة إعادة تأهيله واستكمال مشروع الانجاز بغية افتتاح أبوابه لأهميته أيضا من الناحية الاقتصادية والسياحية في المنطقة، بما يتناسب مع تحويله لمتحف وطني يجسد مرحلة مهمة في تاريخ الدولة الأردنية تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية ولإعطائه الاهتمام الكبير، ليكون معلما حضاريا وتاريخيا، ومزارا لكافة الطلبة في الجامعات والكليات والمدارس لإطلاعهم على تاريخ وطنهم وتأسيس مملكتهم، مطالبا الحكومة أن تكون تبعية القصر إلى ملاك وزارة السياحة لأنها هي الجهة التي تستطيع الحفاظ على القصر وإعطائه الاهتمام الكبير، وحتى يتسنى للمجلس إدراج مخصصات له ضمن موازنات مجلس المحافظة.
من جانبه، يؤكد مدير سياحة محافظة معان حمزه كريشان أن أعمال صيانة وترميم قصر الملك عبد الله الأول المؤسس مستمرة، مشيرا إلى أنه وحال الانتهاء من استكمال العمل في المشروع الوطني المهم سيكون مقصدا ومزارا للأردنيين، لما له من أهمية تاريخية وحضارية وسياسية في الدولة الأردنية، وبما يعزز القيمة التاريخية والحضارية والسياحية في مدينة معان.
وأشار كريشان، أن وزارة السياحة تعمل على إيجاد مسارات داخلية في المحافظة تهدف إلى ربط المواقع الأثرية والسياحية فيها، بهدف تشكيل منتج سياحي جديد يساهم في جذب السياحة الخارجية والداخلية من خلال ربط مدينة معان بمنطقة أذرح والشوبك والبترا لتشكل معا منتجا سياحيا متنوعا وفريدا من نوعه.
ويعد قصر الملك المؤسس شاهدا حيا على مسيرة حافلة بالأحداث الوطنية والقومية، شكلت منطلقا لبداية الثورة العربية لتحرير بقية بلاد الشام، فضلاً عن كونه تحفة معمارية وأبرز وأهم معلم للمواقع الأثرية في معان، والذي يعود تاريخه والمباني المجاورة للفترة ما بين 1904-1908 وهي فترة إنشاء محطة معان كإحدى محطات الخط الحديدي الحجازي في عهد الدولة العثمانية.
ومن مبنى “قصر الملك المؤسس”، بدأ الملك عبدالله الأول ممارسة نشاطاته واتخاذ قراراته السياسية، لتكون مصدر إشعاع تنويري لكل أحرار العرب، ليدخل التاريخ بكبرياء وطني وقومي عربي كرمز للفداء والحرية والتحرير.