مرايا –

كشف رئيس مرصد الزلازل في تركيا، غسان سويدان، أن بلاده حذرت 14 دولة من موجات تسونامي، في أعقاب الزلزال الذي ضرب بلاده وسوريا فجر اليوم الاثنين.
ما بين آلاف الضحايا والمصابين والمشردين، يعكف الخبراء والمتخصصون على البحث فيما شهدته الأراضي التركية والسورية يوم الإثنين.

كما هو الحال فور وقوع أي كارثة طبيعية، يسعى كثيرون إلى معرفة تبعات حدوث مثل هذه الأمور، ومدى استمرارها، واحتمالات تكرارها مستقبلًا، وكذلك أبرز الطرق التي يمكن من خلالها تقليل أعداد الضحايا، أو تجنبهم ويلات هذه الظواهر.

توابع زلزال تركيا المدمر.. 240 هزة ارتدادية
من هذا المنطلق، تواصلت “العين الإخبارية” مع الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة في مصر، والذي بدوره كشف عن أسباب وقوع زلزال تركيا، وسر التأثر السوري الكبير به، وسلط الضوء على ما ستترتب عليه الأمور جراء وقوع هذه الكارثة.

ما سبب وقوع هذا الزلزال الشديد في تركيا؟
تركيا في واقع الأمر هي منطقة زلازل من الدرجة الثانية بعد اليابان ودول المحيط الهادئ، وتعتبر أشد المناطق خطورة في دول البحر المتوسط وغرب آسيا وأوروبا، وهذا يعود إلى أن القشرة الأرضية بشكل عام منقسمة لـ12 قطعة أو صفيحة، وكل صفيحة بها قارة أو جزء من قارة.

يُشار إلى أن التقاء كل صفيحة مع أخرى يكون بينهما فالق ضخم عليه حركة، بحيث تكوّن منطقة زلازل. هنا تجدر الإشارة إلى أن تركيا بها فالق هو امتداد للأخدود الإفريقي العظيم، بخلاف الصفيحة الأوروآسيوية التي يفصلها عن الصفيحة الإفريقية فالق ضخم، إلى جانب الصفيحة العربية التي بها شبه الجزيرة العربية، أي أن تركيا هي ملتقى الفوالق.

رغم هذا، تعتبر الأراضي التركية منطقة زلازل من الدرجة الثانية لا الأولى، لأن الفواصل بين الصفائح ليست ضخمة كنظيرتها في المحيط الهادئ.

ما سبق يعني أن وقوع الزلازل في تركيا طبيعي؟
بالفعل، الزلازل تقع في تركيا يوميًا، لكن شدتها تتراوح ما بين 3: 3.5 درجة على مقياس ريختر، وبالتالي لا تكون جديرة بالحديث عنها، لكن حينما تزداد الشدة عن 5 درجات يختلف الأمر.

هل من ظواهر غير معتادة حدثت في زلزال الإثنين؟
الغريب في الأمر هو أن تركيا شهدت ما يقرب من 250 زلزالًا منها 4 كبار، أشدها هو أولها بـ7.8 درجة، بعدها بساعة زلزال شدته 7.6 درجة، بعدها بساعتين وقع ثالث بقوة 6.5 درجة، وبنفس الفاصل الزمني وقع زلزال بـ6.2 درجة، وهذا كله حدث في مناطق متفرقة، بخلاف التوابع التي تكون شدتها أقل.

في المجمل، ما وقع غير مسبوق. كان يومًا تاريخيًا لتركيا ولم يحدث فيها من قبل، وبالتالي كانت أضرار الزلزال شديدة للغاية، هي كارثة بمعنى الكلمة.

ما سر التأثر الكبير لسوريا بالزلزال؟
يصدر عن مركز الزلزال ما يشبه بتموجات دائرية تتحرك من المركز وتتسع حتى تتلاشى، في المقابل، يحدث انزلاقًا للكتل الصخرية والطبقات في باطن الأرض بمركز الزلزال، وتتوقف شدته بحسب العمق.

بالمتابعة، تبين أن عمق زلزال تركيا تراوح ما بين 10 إلى 12 كيلومترًا، وخرجت منه اهتزازات على هيئة موجات تسري في جميع الاتجاهات على هيئة دوائر، وهذا يعني أنه كلما اقتربنا من المركز زاد التأثر، وهو ما واجهته سوريا التي تعاني مبانيها من ضعف وتصدع، حتى جاء الزلزال وأجهز عليها، بخلاف قرب هذه المناطق من الحدود مع تركيا.

هل الفروق بين درجات شدة الزلازل على مقياس ريختر كبيرة؟
نعم، حينما نقول إن زلزال شدته 7 درجات على مقياس ريختر، وآخر قوته 8، الفارق الحقيقي بينهما 10 أضعاف.

أرجع متخصصون أسباب زلزال تركيا إلى أعمال التنقيب عن الغاز في باطن أعماق البحر المتوسط وبناء السدود.. هل هذا صحيح؟

أعمال التنقيب والسدود لا علاقة لها بالأمر، في الحقيقة يكون هناك تأثير لهذه العوامل لكن بشكل طفيف يقل تأثيره عن “جزء من واحد في المئة”.

وبالعودة إلى التاريخ، شهدت تركيا في سنة 1999 زلزالًا شدته 7.6 درجة على مقياس ريختر، ومات فيه 30 ألف شخص، وفي عام 1939 بلغت شدة زلزال 7.8 درجة، وخلف 33 ألف قتيل، وخلال هاتين الواقعتين لم تكن هناك أعمال تنقيب عن الغاز أو أي سد.

هل من المتوقع وقوع تسونامي خلال الساعات المقبلة على السواحل التركية؟
الزلزال وقع داخل الجبال التركية وبعيد عن البحر المتوسط، وبالتالي لا يوجد تأثير.

بشكل عام، التسونامي يقع حينما يكون مركز الزلزال في البحر وقريب من السواحل، أو يكون المركز في السواحل نفسها، وإذا كان شدتها 5.4 درجة على مقياس ريختر لا يكون لها أي تأثير في هذا الشأن.

للعلم، التسونامي يقع في نفس الفترة الزمنية التي تشهد فيها المنطقة زلزالًا، وهو ما لم يحدث في واقعة تركيا.