مرايا –
تتكرر شكاوى نقص الأدوية ببعض المستشفيات الحكوميّة والجامعية، مما يعرض المرضى لمضاعفات مرضية قد تؤثّر على حالتهم الصحية، وبينما يتحدث المسؤولون عن تحديات مالية تواجههم بسبب تجاهل الحكومة عن سداد ديونها المترتبة بسبب كلفة علاج مشتركي التأمين الصحّي، وحملة الإعفاءات الطبيّة، والتي تقدر بعشرات الملايين من الدنانير، يعاني المرضى من كل تلك الفوضى بانتظار حلول أكبر من مجرّد توقيع وزير المالية فاتورة علاج الأردنيين.
شهر ونصف بانتظار علاج حياتي
المواطن محمد أبو هريرة، أحد تلك الحالات، حيث ينتظر صرف الجرعة الثانية من دوائه منذ شهر ونصف من مستشفى الملك المؤسس، وهو مصاب بمرض مناعي يصيب الأعصاب السفلية والأطراف، مما يسبب له العجز الكلي عن الحركة، ورغم نصيحة طبيبه بأخذ الجرعة الثانية من الدواء بأسرع وقت حتى لا تتضاعف حالته، كانت إجابة المستشفى الرسمية المتكررة “لا يوجد كاش لدينا لشراء الدواء الآن، ولا تقبل مستودعات الأدوية إعطاءنا تلك الأدوية دون كاش”، وفق ما صرح لـ حسنى مصدر مسؤول بالمستشفى.
مدير الصيدلة: نقص شديد بالأدوية، وبعضها حياتي
ورغم معرفته بأنه سيتم محاسبته على تصريحاته الصحفية حول سبب نقص الأدوية الشديد، قال مدير الصيدلة بمستشفى الملك المؤسس الدكتور تيسير ملكاوي “نعاني من نقص علاجات شديد في مستشفى الملك المؤسس بسبب المشاكل المالية، وبعض هذه العلاجات علاجات حياتية، وللأسف لا نستطيع تأمينها”، وأشار أن المشكلة سوف تزداد مستقبلاً ما لم يوجد لها حل.
وأوضح الملكاوي بأنهم غير قادرين حتى على طلب شراء الأدوية بسبب نقص السيولة، حيث تشترط الشركات الموردة للأدوية كميّات معيّنة، كما أنها ترفض التوريد دون الدفع نقداً، وهذه الشروط صعبة على المستشفى في الوقت الحالي.
وبين الملكاوي خلال حديثه لـ حسنى الخطوات التي يتم إتباعها في حال عدم توفر دواء معين داخل المستشفى، حيث يتم مخاطبة وزارة الصحة وطلب استعارة للأدوية المتوفرة لها، أو يتم التعاون مع المؤسسات الصحية الأخرى سواء كانت المستشفيات الخاصة، أو مركز الحسين للسرطان، أو الخدمات الطبية الملكية لتوفير تلك الأدوية.
وفي حال عدم توفرها، يتم عمل طلبات شراء، كما أن العطاءات السنوية تحوي بنداً إلزاميا يلزم الشركات بتوريد كميات إضافية من الأدوية للمستشفى لعلاج النقص.
وأشار الملكاوي بأن عطاءات الأدوية السنوية تأخذ بعين الاعتبار جميع البيانات الإحصائية من حيث عدد المرضى والأدوية والمدة الزمنية لتوفر العلاج، حيث يتم زيادة تلك المدة لمعالجة أي نقص غير متوقع فيها.
وحول المريض أبو هريرة، أوضح الملكاوي بأن المستشفى استعار 100 عبوة فقط من وزارة الصحة، وتم إعطاؤها فقط للحالات الحرجة، وتبلغ كلفة العبوة الواحدة من هذا الدواء 300 دينار.
رفض التعليق على المشكلة المالية
من جانبه، رفض مدير التزويد بوزارة الصحة الدكتور ماهر الزيود التعليق حول مستحقات المستشفى على وزارة الصحة، باعتبارها قضايا مالية ليست من اختصاصه، ولكنه أوضح بأن علاجا حياتيا مثل العلاج المذكور يجب أن يكون متوفرا بأي مستشفى، فكيف بالحديث عن مستشفى الملك المؤسس الذي يعتبر من المستشفيات العريقة في الأردن، على حد تعبيره.
وقال الزيود بأن مديرية التزويد بوزارة الصحة لا تستطيع الاستمرار بتزويد المستشفى بهذا العلاج، لأن هذا يؤثر على الكميات المخصصة للمرضى الآخرين الذي يعالجون بوزارة الصحة، وبين بأنه تم تزويد المستشفى قبل أسبوعين بمئة عبوة من ذات الدواء.
وأشار إلى أن المشكلة المالية للمستشفى يجب أن تحل ولكن ليس على حساب وزارة الصحة نظرات للكميات التي لديها، فيما وعد بحل مشكلة المريض بتوفير العلاج له.
80 مليون دينار ديون الحكومة على مستشفى الجامعة الأردنية
وفي ذات السياق، كشف مدير مستشفى الجامعة الأردنية الدكتور جمال ملحم بأن ديون الحكومة على المستشفى تبلغ ما قيمته 80 مليون دينارا، وأن الوضع المادي صعب جدا على الجميع، وأن الحكومة تتأخر في توريد هذه المبالغ للمستشفى، وأن المبالغ ليست مهمة بقدر توقيت دفعها.
وقال ملحم بأن موازنة المستشفى السنوية تبلغ 116 مليون دينار، يدفع المستشفى منها شهريا 6 ملايين دينار كنفقات ورواتب ومستحقات الضمان الاجتماعي.
وزار العيادات الخارجية بالمستشفى خلال عام 2021 نصف مليون مريض، في حين زارها عام 2022 أكثر من 600 ألف مريض.
الإعفاءات الطبية سببت تحديا ماليا كبيرا
وأضاف ملحم أن أغلبية مراجعي مستشفى الجامعة هم من مشتركي التأمين الصحي المدني، حيث يدفع المراجع ما نسبته 20% من قيمة العلاج، فيما يتكفل التأمين الصحي بما نسبته 80%، ولكن عند حالات المرض التي تتطلب علاجاً مكلفاً، يقوم المريض بإصدار إعفاء طبي من الديوان الملكي أو رئاسة الوزراء يعفيه من كامل المبلغ، مشيراً بأن المستشفى هو الخاسر الأكبر، لأن هذه المطالبات تتأخر كثيراً.
غالبية الأدوية متوفرة
وبين ملحم بأن مستشفى الجامعة الأردنية يدفع ما قيمته 20 مليون دينار كعطاءات لشراء الأدوية، ويقوم بعملية الشراء عن طريق مديرية الشراء الموحد بوزارة الصحة، ولكن العديد من مستودعات الأدوية ترفض توريد الأدوية دون الدفع نقداً.
وأكد بأن عدد الأدوية غير المتوفرة في صيدلية المستشفى قليلة، ولا تعد على أصابع اليد الواحدة، من أصل 750 نوع دواء، وعند وصول مخزون أي دواء لنسبة 30% فإن إعادة التزويرد تتم فوراً وبأسرع وقت ممكن.
إجراءات مالية لضمان حقوق المستشفى المالية
وأشار ملحم بأن المستشفى يحاول إدامة خدماته، ويتعامل بتفهم كبير لأوضاع المواطنين الاقتصادية في ذات الوقت، ولذلك يقوم المستشفى ببعض الإجراءات لضمان حقوقه المالية، مثل الدفع مقدماً بمبلغ رمزي من 300 إلى 500 دينار، ولكنه لا يقوم بأي مطالبات مالية بخصوص الحالات الطارئة التي تحتاج إلى تدخل سريع.