مرايا –
أعربت جمعية ادامة عن بالغ قلقها إزاء قرار هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن الأخير بفرض رسوم بقيمة 2 دينار أردني لكل كيلوواط على أنظمة الطاقة المتجددة لصافي القياس والعبور بدون التشاور مسبقا مع أصحاب العلاقة من القطاع الخاص، وبدون توضيح كيف لهذا القرار ان يتوافق مع الخطط التنموية لقطاع الطاقة. سيكون لهذا القرار تأثير سلبي كبير على قطاع الطاقة المتجددة في الأردن ويهدد التقدم الذي تم تحقيقه في السنوات الأخيرة في تطوير هذا القطاع، وبالتأكيد يأتي هذا القرار مع عدم انسجام مع مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي ولا سيما قطاعات الاستدامة.
وقالت إن قطاع الطاقة المتجددة يعاني من محدودية قدرة الشبكة، ولا يوجد خطط واضحة من وزارة الطاقة والثروة المعدنية/ هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن لاستخدام الأموال التي تم فرضها بهذا القرار ووضع استراتيجية لمزيد من الاستثمار في الطاقة المتجددة واستخدام تكنولوجيا ممكنة مثل تحديث الشبكة، التخزين، كفاءة الطاقة، كهربة الاقتصاد وإدارة الطلب أو حلول الاستهلاك الذاتي / الحلول الخاصة بالتغذية الصفرية. يأتي هذا القرار بعد القرار السابق الذي تم اتخاذه لفرض رسوم إضافية على انظمة صافي القياس للقطاع المنزلي والذي وضع ضغطاً على هذا القطاع وأثر سلباً على الاستثمار فيه. ان رسم 2 دينار لكل كيلو واط يمثل كلفة إضافية تقدر تقريبا 14 فلسا (1.4قرش) لكل كيلو واط للمنتج الموزع للطاقة من أنظمة الطاقة المتجددة بالإضافة الى كلف النقل بالعبور وكلف الفاقد من الطاقة وإجراءات الاحتجاز على العميل.
وأضافت ادامة أن الطاقة المتجددة تشكل مكوناً حاسماً من خليط الطاقة الأردني واستقلالية الطاقة، حيث تعتمد البلاد بشكل كبير على واردات النفط والغاز الطبيعي. ويشهد قطاع الطاقة المتجددة في الأردن نمواً مطرداً على مدار العقد الماضي، مستقطباً استثمارات تزيد عن 5 مليارات دولار وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة بالآلاف (4 غير مباشرة لكل فرصة عمل مباشرة) ولا يمكن تجاهل الدور الذي لعبه القطاع في وضع الأردن على الخريطة الإقليمية والعالمية للطاقة المتجددة. وساهم هذا القطاع في تحسين امن الطاقة وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وجهود البلاد في مواجهة تغير المناخي. وتترجم تلك المكاسب إلى توفير اعتمادية وثبات أكبر للاقتصاد الوطني من خلال تقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري وتوفير مدخرات للقطاع الخاص تترجم إلى تحسين تنافسية الصناعات في جميع القطاعات، مما يسهم في خلق فرص عمل وزيادة الإيرادات الضريبية.
وأشارت إلى أن الأردن ضع هدفًا لتوليد 20% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2020 و31% بحلول عام 2030. وتتراوح النسبة حالياً حوالي 29%، وعليه تم طرح فكرة زيادة الهدف إلى 50% بحلول عام 2030 في عدة مناسبات أمام جلالة الملك. ومن خلال الإدراك لأهمية الطاقة المتجددة للحصول على الاستقلالية وامن الطاقة، مكافحة التغير المناخي، وتخفيض التكاليف، فقد نفذت القوانين الخاصة بالطاقة المتجددة والجهات الحكومية المعنية سياسات وحوافز لتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة، ومع ذلك فإن هذا القرار لا ينسجم مع هذا الاتجاه وخاصة بانه لم يضع خارطة طريق لتحفيز قطاع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. وسيؤدي هذا القرار بالتأكيد إلى تأثير سلبي على الاقتصاد بشكل عام ومستوى الثقة بالحكومة كمنفذ لرؤية التحديث الاقتصادي.
وأكدت ادامة أن الرسم المفروض بقيمة دينارين / كيلوواط في الشهر سيؤدي إلى حصول الحكومة على عائد إضافي يبلغ حوالي 26 مليون دينار أردني سنويًا (1.1 غيغا واط من أنظمة الطاقة الشمسية المتصلة بالشبكة) -وبأفضل الأحوال 20 مليون دينار تقريبا اذا ما تم استثناء قطاع الصناعي الصغير والمتوسط والزراعي والتي من الممكن ان يتم استثناءها من هذا القرار- والذي سيدعم على الأرجح شركة الكهرباء الوطنية في سد جزء من العجز الناتج عن عدم التوازن بين العرض والطلب، والافتراض من أن مولدي الطاقة المتجددة يستخدمون الشبكة لتخزين الكهرباء بدون أي تكلفة، وهو وصف خاطئ لأنظمة صافي القياس والنقل بالعبور حيث تستهلك الشبكة الكهرباء المولدة والأحمال على الشبكة على الفور. وليس من الواضح تمامًا ما إذا كان مستوى الطاقة المتجددة المستخدم حاليا يبرر هذه الرسوم التي لم تكن في حسبان المطورين أو المستهلكين، ونظرًا لأن أنظمة الطاقة المتجددة المتصلة بالشبكة تساهم في تقليل الخسائر وتخفيض الأحمال وقت الذروة خلال النهار، ناهيك عن أن أنظمة النقل بالعبور تدفع بالفعل رسوم النقل والفاقد بالشبكة.
وتابعت: “لنفترض أن هذا الرسم سيحقق ايراد مقداره 26 مليون دينار أردني في السنة (مع العلم ان الرقم اقل من ذلك ولا يتعدى ٢٠ مليون سنويا)، فإن 1.1 جيجاوات من أنظمة الطاقة المتجددة تمثل المزايا المقدرة التالية للاقتصاد الأردني:
• 135 مليون دينار أردني من الوفر في مصاريف الوقود سنويا (باعتبار 1.1 جيجاوات × 1750 كيلوواط ساعة / كيلوواط ذروة × 0.07 دينار أردني / كيلوواط ساعة)
• 230 مليون دينار أردني من الوفر سنويا (بافتراض سعر بيع متوسط بقيمة 0.12 دينار أردني / كيلوواط ساعة) للمستهلكين (السكنيين والتجاريين والصناعيين) مما يؤدي إلى:
• ضريبة الدخل بنسبة 10-35٪ من الوفورات المذكورة أعلاه سنويا، والتي تبلغ حوالي 25 إلى 50 مليون دينار أردني”.
وقالت ادامة إنه لا شك أن زيادة انتشار الطاقة المتجددة ستتطلب إعادة النظر في القضايا التقنية والاقتصادية والسياسات المتعلقة بالأسعار ورسوم النقل بالعبور، واعتماد التكنولوجيات الجديدة، ولكن يبدو أن تطبيق رسوم 2 دينار أردني لكل كيلوواط يعد طريقة معالجة سريعة ومؤقتة للاحتياجات المالية ولا تتوافق مع استراتيجية شاملة ولن تلبي احتياجات الاقتصاد الأردني، مع ملاحظة ان القطاع الخاص قد طالب بأنظمة وحوافز مباشرة لتعرفة مرتبطة بوقت الاستخدام، والتخزين قبل العداد، إجراءات مقاصة الفوترة بالإضافة الى حلول أخرى لمواجهة التحديات المتعلقة بالشبكة، والتي يجب كذلك ان تكون بالتشاور مع القطاع الخاص.
وأضافت ادامة: “على الرغم من التقدم المحرز في هذا القطاع، إلا أن قطاع الطاقة المتجددة في الأردن ما زال يواجه العديد من التحديات، بما في ذلك العقبات التشريعية والبيروقراطية، وعدم الثبات في القوانين والأنظمة، أضف الى ذلك الرسم المفروض مؤخرا مما يجعل الاستثمار في هذا القطاع صعبًا ومحفوفًا بالمخاطر، وكما هو من الواضح من العدد القليل للتصاريح والرخص التي تمنحها الهيئة للمقاولين. هذا القرار سوف يصعب من قيام المستثمرين بتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، ويقلل من الاستثمار في هذا القطاع ويثني الشركات والمصانع للتحول الى الممارسات الخضراء. سيتأثر أولئك الذين استثمروا في توليد الطاقة بتكاليف إضافية لم يتم الاخذ بها في دراسات الجدوى المالية، مما سيؤدي إلى تمديد فترات الاسترداد المالي أو جعل المشروع غير مجدٍ اقتصاديا”.
وأكدت ادامة ان هذا القرار يتعارض مع التزامات الأردن المناخية بما في ذلك الالتزامات المحددة على المستوى الوطني ضمن اتفاقية باريس المناخية، حيث ان هذا القرار يعتبر تحديا اضافيا للقطاع الخاص للعب الدور المطلوب منه للمساهمة في النمو الأخضر والطاقة النظيفة. التزم الأردن بتخفيض الانبعاثات بنسبة 31٪ مع حلول عام 2030 وتعتبر الطاقة المتجددة عنصر أساسي لتحقيق هذا الالتزام. لذلك سيؤثر هذا القرار على مقدرة الأردن على الوفاء بالأهداف المناخية والانتقال الى اقتصاد كربوني اقل.
وأشارت إلى أن الأردن يتمتع بضوء الشمس الوفير، الذي يعد مصدرًا مجانيًا للطاقة يمكن استغلاله من خلال أنظمة الطاقة الشمسية. يجب أن تشجع الحكومة الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة التي تستغل هذا المورد الطبيعي، بدلاً من فرض الرسوم التي تثني عن الاستثمار في القطاع.
بالإضافة فان مثل هذا القرار لا يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي للأردن والتي تهدف إلى تحويل البلاد (من خلال شراكات بين القطاع العام والخاص) إلى اقتصاد متنوع وتنافسي ومبني على المعرفة. والذي تلعب فيه خريطة طريق التحول الطاقي دورًا حيويًا في هذه الرؤية من خلال تعزيز تطوير التقنيات الجديدة وجذب الاستثمار وخلق فرص عمل والحد من اعتماد البلاد على الطاقة المستوردة، وفق ادامة.
وتابعت: “نحن أيضًا نشيد بالتزام جلالة الملك عبد الله الثاني القوي بالاعتماد على الطاقة المتجددة ومكافحة التغير المناخي. في خطاب له في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2019، شدد جلالته على أهمية الاستثمار في الطاقة المتجددة، قائلاً “إننا بحاجة للتحول من كوننا مستهلكين للطاقة إلى منتجين للطاقة، خاصة من مصادر متجددة.” علاوة على ذلك اكد جلالة الملك عبد الله الثاني هذا الالتزام في قمة الزعماء الافتراضية حول المناخ في عام 2021″.
وقالت: “بناءً على القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني في مجال الطاقة المتجددة ومكافحة تغير المناخ، من الضروري أن تتخذ الحكومة الخطوات اللازمة لدعم تطوير قطاع الطاقة المتجددة وتحقيق أهداف الطاقة المتجددة للبلاد. اعتماد سياسات وحوافز لتعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بالإضافة إلى ازالة الحواجز التشريعية وضمان الاستقرار في القوانين والأنظمة، والذي من الممكن أن يساعد في تسريع نمو صناعة الطاقة المتجددة في الأردن وخلق نظام طاقة أكثر استدامة ومنعة بالإضافة إلى خلق فرص عمل وجذب الاستثمارات”.
في الختام، حثت جمعية إدامة، الحكومة على إعادة النظر في قرارها بفرض رسوم قدرها 2 دينار أردني لكل كيلوواط لأنظمة الطاقة المتجددة والعمل مع الأطراف المعنية لتطوير سياسات تدعم نمو قطاع الطاقة المتجددة في الأردن. إن قطاع الطاقة المتجددة ممكن رئيسي لنمو الاقتصاد الأردني، وتحقيق امن التزود بالطاقة وجهود مكافحة تغير المناخ، ومن الضروري أن تتخذ الحكومة خطوات لدعم تطويره، تماشياً مع رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني للاقتصاد الأردني المستدام ضمن رؤية التحديث الاقتصادي والتي من شانها خلق فرص عمل وتقليل معدلات البطالة.