مرايا –
يفتح تقييم منظمة مراسلون بلا حدود للأردن في مؤشرات حرية الصحافة الباب أمام تساؤلات حول واقعية نتائجه، فيما ثار جدل واسع بين مؤيدي ما جاء في التقرير ممن يعتبرون أن حالة حرية الصحافة في الأردن متدنية، وآخرون يرون أن ما جاء في التقييم مجحف وغير مطابق للواقع، متسائلين عن منطقية حصول الأردن على المرتبة العاشرة عربيا.
وبحسب مؤشر حرية الصحافة في تقرير المنظمة، الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف (3 أيار/ مايو) من كل عام، حل الأردن في المرتبة 146 في هذا المؤشر على مستوى العالم، والعاشر عربيا.
يقول مؤيدو عدم منطقية التقرير في تصريحات للـ”الغد”، إن معايير التصنيف وفقا لمؤشرات التقرير لم تأخذ أبعاد الأمن والسلامة: والسياقات “السياسي، والقانوني، والاقتصادي، والاجتماعي والثقافي”، مشيرين إلى أنه لم يلمس الصحافيون والإعلاميون حالات انتهاك فيها، معتبرين أن التصنيف كان مجحفا لموقف الأردن.
بيد أن من يرون عكس ذلك ينادون بضرورة قراءة الأرقام الصادرة في الترتيب، لغاية إعادة النظر في كل ما من شأنه التأثير على حرية الصحافة تشريعيا.
الخبير الدستوري الدكتور رياض الصرايرة يقول إن الآثار الاقتصادية والضغوط الدولية على الأردن ساعدت بتراجع مؤشرات الصحافة والإعلام بشكل عام غير أنه يسجل للأردن أنه لم يتم تسجيل أي حالة قتل أو خطف أو تعذيب بين الصحفيين والإعلاميين داخل الأردن، ولم تسجل أي حالات تهديد أو معاملة قاسية كالتهديد بالضرب، أو التحقير.
ولفت إلى أن الأردن بشكل عام يتمتع بسقف حريات وأن الحديث عن حرية الصحافة مرتبط بجملة مؤشرات تتوفر بأغلبها في الأردن.
ويتوقف سجل كل بلد على خمسة مؤشرات، تساعد على فهم مستوى حرية الصحافة في الدولة أو الإقليم: السياق السياسي، والإطار القانوني، والسياق الاقتصادي، والسياق الاجتماعي والثقافي، ثم السلامة والأمن والأردن في سياقات الأمن والقانون والسلامة والثقافة تبلي بلاء حسنا وتتطور فيها.
وأوضح الصرايرة أن الحكومة سعت وتسعى للارتقاء بوضع الأردن على المؤشرات الدولية المرتبطة بالحريات الصحفية وما يرتبط بمواثيق وتعهدات مرتبطة بهذه المسألة حيث تسعى لترسيخ مكانة الأردن من حيث احترام الحريات الصحفية والرأي الآخر، غير أن الظروف غير الموضوعية التي تركت آثارها على المملكة مثل أزمة فيروس كورونا المستجد وتأثيره على الصحف الورقية تركت انطباعات آنية حول مؤشرات الصحافة وأثر على تصنيفها.
بدوره، قال نائب نقيب الصحافيين الزميل جمال اشتيوي إن هذا التقرير منحاز ومعاييره ومقاييسه غير مهنية أو موضوعية.
وأوضح اشتيوي أنه إذا نظرنا إلى مرتبة دولة الاحتلال الإسرائيلي في التقرير نجدها متقدمة على مرتبة الأردن رغم القتل والتعذيب والسحل الذي يستهدف الصحافيين وغيرهم وهم العام الماضي قتلوا الزميلة شيرين أبو عاقلة.
وتابع: الأردن لم يقتل ولم يرعب الصحافيين أو المدنيين، لافتا إلى أن معايير التقرير ظالمة وليست مهنية ومنحازة وفيها ظلم للأردن.
من جهته، قلل الناشط في مجال الحريات صدام أبو عزام من خطورة هذا التقرير على وضع الأردن، لافتا إلى أن الخلل ليس وطنيا وإنما هناك إشكاليات تتعلق بعدم تناسق التشريعات مع الممارسات الوطنية وحالة الاضطراب في النهج المؤسسي لقطاع الإعلام ساهمت في وصول الأردن إلى هذه المرتبة.
وتابع أبو عزام: هناك العديد من التقارير التي تعتمد مؤشرات فرعية لهذا الحق العالمي غير أن عدم مواءمتها مع السياسات الوطنية والممارسات وضعف الجهات النقابية ساهم في عدم رفع مرتبة الأردن بهذا الإطار.
وقال إن تنازع الاختصاصات وعدم وضوحها وعدم النضوج التشريعي في القوانين المتعلقة بالإعلام ساهم إلى حد كبير في قراءة خاطئة لهذه المؤشرات والمعايير.
ولفت إلى أهمية وجود خطة استراتيجية محدثة للإعلام وسد أوجه الخلل في التعاطي مع الإعلام وتعظيم عمله.
وبالمجمل فإن صدور مؤشرات عالميّة لحرية الصحافة يشكّل إشارة إيجابية، نلتقطها بحرص وندرس بعناية كيف نبني عليها، ونراكم لتحقيق قفزات أكبر في هذا المجال؛ وذلك من خلال تطوير التشريعات الإعلاميّة، وبخاصة المرتبطة بالحصول على المعلومات والشفافيّة، وتنظيم جوانب وتطورات جديدة في مجال العمل الإعلامي. وفقا لأبو عزام.
وبالمحصلة فقد أولت الإرادة السياسيّة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الحريّات الصحفيّة جلّ العناية والرعاية والاهتمام، باعتبارها ركيزة أساسيّة من ركائز تقدّم المجتمعات ورقيّها وازدهارها.
وأكّد جلالته في كل محفل أنّ للإعلام دوراً مركزيّاً مهما في بناء الدولة؛ فهو جسر تدفّق المعلومات والتواصل بين الحكومة والمواطنين، موضحاً أنّ نجاح الحكومات في تصميم وتنفيذ إجراءات تستجيب لهذا التحدي الصعب، وتلبي احتياجات المواطنين.
ودعا الخبراء إلى أهمية تمكين الجسم الإعلامي من العمل بكفاءة يحتاج إلى بيئة مواتية من حيث الحرية والاستقلالية والمهنيّة والاستدامة المالية؛ وهذه بدورها تشكّل أولويّات عمل الحكومة تجاه الإعلام كسلطة رابعة، بحيث تقترن بالمسؤولية، وتحمي خصوصيّة المواطنين في زمن سهولة وكثافة التدفّق المعلوماتي، وتكافح الإشاعة، وترسي القواعد المهنيّة التي تكفل عملاً ومحتوى إعلاميّاً نوعياً.
ويعتمد تقييم مراسلون بلا حدود على خمسة مؤشرات للتقييم، يتوقف سجل كل بلد على خمسة مؤشرات سياقية، تساعد على فهم مستوى حرية الصحافة في الدولة أو الإقليم بكل تجلياتها وتعقيداتها، وهذه السياقات هي السياق السياسي، الإطار القانوني، السياق الاقتصادي، السياق الاجتماعي والثقافي، ثم السلامة والأمن، وأن الأردن حقق كلا من معيار السلامة والأمن والمعيار الاجتماعي والثقافي بدرجة متقدمة، فيما المعيار الاقتصادي كانت درجاته أقل من المتوسط، وهو ما أثر على المجموع النهائي للنقاط التي أحرزها الأردن على سلم التصنيف، وحقق معيار التنمية الاقتصادية والتنمية السياسية درجة متوسطة.
وبحسب التصنيف الذي شمل 180 بلداً، فقد تبيّن أن الوضع جيد جداً في 8 دول، وجيد في 44 دولة، وإشكالي في 55 دولة، في وقت أظهر التصنيف أن الوضع صعب في 42 دولة، وشديد الخطورة في 31 دولة.