إسرائيل تتمسك بمشروع استعماري يقوم على التطهير العرقي والفصل العنصري

حكومات إسرائيل المتعاقبة تتحدى الشرعية الدولية من خلال إجراءاتها أحادية الجانب
الوضع القائم يضعنا أمام استحقاقات واجبة أهمها تسريع الخطى لتغييره قبل فوات الأوان
إسرائيل لن تنعم بالأمن والسلام دون نيل شعبنا حريته واستقلاله
نثق أن القمة العربية ستنجح في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية التي تواجه أمتنا
مستعدون للعمل مع القمة لإنجاح الجهود العربية والدولية لإيجاد حلول لأزمات المنطقة
إيجاد حل عادل وشامل لقضيتنا يجب أن يستند للشرعية الدولية والمبادرة العربية
نتمسك بمبادرة السلام العربية سبيلا أكيدا لتحقيق السلام في المنطقة
واثقون من استمرار القادة العرب بتقديم الدعم السياسي والمادي لتعزيز صمود شعبنا
دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، القادة العرب إلى دعم تنفيذ قرار الجمعية العامة الأخير، وتقديم المرافعة المكتوبة من قبل دولهم أمام محكمة العدل الدولية، لإصدار رأيها الاستشاري، وفتواها، حول قانونية وشكل وأهلية النظام الذي أقامته إسرائيل، دولة الاحتلال والأبارتهايد، على أرض فلسطين.

وأكد عباس في كلمته أمام القمة العربية الـ32 المنعقدة في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، رفض استمرار استباحة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا ومقدساتنا، مطالبا المجتمع الدولي بمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق شعبنا وتوفير الحماية الدولية له.

وأشار عباس إلى أن إسرائيل تتنكر للاتفاقات الموقّعة والقرارات الأممية وتتمسك بمشروع صهيوني استعماري بديل يقوم على استمرار الاحتلال والتطهير العرقي والفصل العنصري، وأن حكوماتها المتعاقبة تتحدى الشرعية الدولية من خلال إجراءاتها أحادية الجانب وسياساتها الاستيطانية ومشاريع الضم العنصرية، وقوانينها الفاشية.

وقال عباس: “هذا الوضع القائم والخطير، يضعنا أمام مسؤوليات عديدة واستحقاقات واجبة، أهمها تسريع الخطى لتغيير هذا الوضع وقبل فوات الأوان، لأن إسرائيل لن تنعم بالأمن والسلام دون نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله”.

وأعرب عباس، عن ثقته بأن القمة العربية ستنجح في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية التي تواجه أمتنا، مؤكدا استعداد دولة فلسطين للعمل معها، بقيادة المملكة العربية السعودية، من أجل إنجاح الجهود العربية والإقليمية والدولية، في إطار من الشراكة والتعاون، وإيجاد حلول لأزمات المنطقة، وصولا لتحقيق الأمن والسلام والازدهار لشعوبنا.

وأكّد عباس ثقته بأن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ستكون في صُلب اهتمامات القمة العربية، من أجل إيجاد حل عادل وشامل ينهي الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وعودة اللاجئين، وتحرير الأسرى.

وشدد على أن مثل هذا الحل يجب أن يستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي نتمسك بها سبيلا أكيدا لتحقيق السلام في المنطقة.

وأكد مواصلة العمل من أجل وحدة شعبنا وأرضنا وتحقيق المصالحة الوطنية على أساس الالتزام ببرنامج منظمة التحرير والشرعية الدولية.

وشدّد على أن شعبنا سيواصل الصمود في وطنه التاريخي؛ وأرضه وأرض آبائه وأجداده، محافظا على هويته الوطنية، ومقدساته، وأن الاحتلال إلى زوال طال الزمان أم قصر.

وأعرب الرئيس عن ثقته باستمرار القادة العرب بتقديم الدعم السياسي والمادي لتعزيز صمود وبقاء شعبنا على أرضه، ومواصلة بناء مؤسسات دولته المستقلة.

وبشأن قرار الأمم المتحدة إحياء ذكرى النكبة الـ75 للمرة الأولى منذ عام 1948، قال عباس، إن هذا القرار الأممي يشكّل دحضا للرواية الصهيونية الإسرائيلية التي تنكرت للنكبة.

وفيما يأتي نص كلمة الرئيس الفلسطيني:

أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله

الإخوة القادة، أصحاب الدولة والمعالي والسعادة،

الحضور الكريم،

أتوجه بالتحية والتقدير، لأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، ولكم أخي صاحب السمو الملكي، ولي العهد، على استضافة هذه القمة العربية، التي نثق بأنها ستنجح في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية التي تواجه أمتنا، وتحويلها لفرص تعزّز الأمن والاستقرار والسلام في منطقتنا، وتحقق طموحات وآمال شعوب أمتنا العربية. وفي هذه المناسبة، فإننا نشيد بما حققته المملكة من إنجازات تحت قيادتكم على جميع المستويات، على طريق الرفعة والنماء والازدهار.

كما أتوجه بالشكر والعرفان لأخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الشعبية الديمقراطية، على رئاسته الناجحة للقمة السابقة، وأوجه بهذه المناسبة، تحية إكبار وتقدير لأشقائنا قادة الدول العربية وشعوبها على مواقفهم الثابتة تجاه شعبنا وقضيتنا العادلة.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

في قرار أممي تاريخي غير مسبوق، أحيت الأمم المتحدة في مقرّها في نيويورك منذ أيام، الذكرى الـ75 للنكبة، نكبة الشعب الفلسطيني، التي لا زالت تتوالى أحداثها وآثارها المأساوية منذ العام 1948 حتى يومنا هذا، والتي ارتكبت العصابات الصهيونية وقوات الاحتلال الإسرائيلي خلالها أكثر من 51 مجزرة موثقة، ودمرت أكثر من 530 قرية فلسطينية.

علاوة على القيام بأكبر عملية نهب منظم للممتلكات والموارد والأرض الفلسطينية بعد طرد تسعمئة وخمسين ألف فلسطيني من ديارهم، شكّلوا بحسب سجلات الأمم المتحدة أكثر من نصف الشعب الفلسطيني آنذاك، كما أنه وبسبب هذه النكبة، لا يزال شعبنا يعاني من التشرد والمعاناة، حيث يعيش أكثر من ستة ملايين فلسطيني حياة اللجوء في المخيمات والشتات، بينما يواجه أبناء شعبنا داخل الوطن حربا إسرائيلية مسعورة ومستمرة تستهدف وجودنا وأرضنا ومقدساتنا.

إن هذا القرار الأممي التاريخي الهام يشكّل دحضا للرواية الصهيونية الإسرائيلية التي تنكرت للنكبة، ولفقت الروايات المزيفة حول علاقة الشعب الفلسطيني بأرض وطنه والجرائم التي ارتكبت بحقه.

وبالرغم من قبول قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بعملية سلام كان يفترض أن تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، بعاصمتها القدس الشرقية على الأرض المحتلة منذ عام 1967، فإن إسرائيل تتنكر اليوم للاتفاقات الموقّعة والقرارات الأممية (التي وصلت إلى ألف قرار)، وتتمسك بمشروع صهيوني استعماري بديل يقوم على استمرار الاحتلال والتطهير العرقي والفصل العنصري (الأبارتهايد).

وفي الوقت الذي ما زال الجانب الفلسطيني يلتزم بالشرعية الدولية ومرجعيات ومبادئ عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ الاتفاقيات الموقّعة، وبناء مؤسسات دولة فلسطين كاملة الأركان، والتي أصبحت جزءا فاعلا ومؤثرا في النظام الدولي، فإن حكومات إسرائيل المتعاقبة، وآخرها هذه الحكومة اليمينية التي تعتبر الأكثر تطرفا قولا وفعلا، تتحدى الشرعية الدولية، من خلال إجراءاتها أحادية الجانب، وسياساتها الاستيطانية ومشاريع الضم العنصرية، وقوانينها الفاشية، وأعمال القتل والاقتحامات وهدم المنازل والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وانتهاك الوضع القانوني التاريخي فيها، والعمل على تغيير هوية وطابع مدينة القدس المحتلة.

هذا الوضع القائم والخطير، يضعنا أمام مسؤوليات عديدة واستحقاقات واجبة، أهمها تسريع الخطى لتغيير هذا الوضع وقبل فوات الأوان، لأن إسرائيل لن تنعم بالأمن والسلام دون نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.

إننا نؤكد رفضنا لاستمرار استباحة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا ومقدساتنا، ونطالب المجتمع الدولي بمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق شعبنا وانتهاكاتها للقانون الدولي، وتوفير الحماية الدولية له. ونحن من جانبنا سنواصل مسيرتنا النضالية لمواجهة القهر والعدوان الإسرائيلي، كما سنواصل جهودنا الدبلوماسية والقانونية في المحافل والمحاكم الدولية كافة لاستعادة حقوق شعبنا، وفي المقدمة منها المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إضافة إلى استمرار السعي لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وهنا نأمل منكم جميعا، الوقوف إلى جانبنا لدعم تنفيذ قرار الجمعية العامة الأخير، وتقديم المرافعة المكتوبة من قبل دولكم أمام محكمة العدل الدولية، على أمل أن تصدر هذه المحكمة رأيها الاستشاري، وفتواها، حول قانونية، وشكل، وأهلية النظام الذي أقامته إسرائيل، دولة الاحتلال والأبارتهايد، على أرض فلسطين.

وفي هذا الصدد، نؤكد استعدادنا للعمل مع هذه القمة العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، من أجل إنجاح الجهود العربية والإقليمية والدولية، في إطار من الشراكة والتعاون، وإيجاد حلول لأزمات المنطقة، وصولا لتحقيق الأمن والسلام والازدهار لشعوبنا.

ونحن على ثقة بأن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ستكون في صُلب اهتماماتكم، من أجل إيجاد حل عادل وشامل ينهي الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وتحرير الأسرى، مؤكدين أن مثل هذا الحل يجب أن يستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي نتمسك بها كسبيل أكيد لتحقيق السلام في المنطقة.

وفي الختام، نتقدم بالشكر والتقدير لأشقائنا قادة وشعوب أمتنا العربية، على مواقفهم السياسية الثابتة لدعم الشعب الفلسطيني وعلى الصُعد كافة، وكلنا ثقة باستمرار تقديم هذا الدعم السياسي والمادي، لتعزيز صمود وبقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، ومواصلة بناء مؤسسات دولته المستقلة.

وأخيرا وليس آخرا، نقول لشعبنا الفلسطيني البطل، إننا نفتخر بكم، بكل واحدة وواحد منكم، في الوطن وفي الشتات، ونعتز بمسيرة نضالنا الوطني، وسوف نواصل العمل من أجل وحدة شعبنا وأرضنا وتحقيق المصالحة الوطنية على أساس الالتزام ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الدولية.

كما سنواصل الصمود في وطننا التاريخي؛ أرضنا وأرض آبائنا وأجدادنا، محافظين على هويتنا الوطنية، ومقدساتنا، والاحتلال إلى زوال طال الزمان أم قصر.

تحيةً لأهلنا الصامدين في مخيمات اللجوء، والمرابطين في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، وتحيةً وإجلالا لشهدائنا البواسل وأسرانا وجرحانا الأبطال. والسلام عليكم