مرايا – كتب : عمر كلاب
لا يوجد تفسير منطقي حتى اللحظة لاسباب الحمى التي اجتاحت الشارع الاردني خلال الانتخابات التركية, وتحديدا مقعد الرئيس, ومن تابع صفحات التواصل الاجتماعي شاهد كيف تحولت المتابعة الى حُمّى في جولة الاعادة, أدت الى تقسيم المجتمع الى فسطاطين حسب تعبيرالبعض, فسطاط الفسق وفسطاط الايمان, وانهالت التكبيرات والتهليلات بعد اعلان فوز الرئيس رجب طيب اردوغان, وهذا كله يحتاج الى وقفة طويلة وعميقة, فهل اسهمت التيارات الاسلاميه المتعددة في انتشار هذه الظاهرة؟
ام ان الجفاف الديمقراطي الذي تعيشه الاجواء العربية عموما, حفزت الامر, خاصة وان معظم الاردنيين ان لم اقل كلهم زاروا تركيا خلال مواسم الاجازات, او الهروبات المالية.
وحتى يهدأ الانصاريون الاتراك, فإن تركيا ليست دولة اسلامية رغم غالبية سكانها المسلمين, وليست وريثة الخلافة الاسلامية ولا اردوغان قدم نفسه خليفة للانصاف, وقسم الرئاسة يقول ذلك بوضوح».. وأقسم أن التزم بالدستور وسيادة القانون والديمقراطية، ومبادئ وإصلاحات أتاتورك، ومبدأ الدولة العلمانية”, كذلك هي اول واكثر دولة تمتلك علاقات حميمة مع الكيان الصهيوني, تجاريا وعسكريا, والخلاف بينهما كان على ارضية الاعتداءات الصهيونية على سفينة مرمرة التركية, ثم طوي الخلاف وعادت الامور الى مجاريها وبرعاية اردوغان نفسه, طبعا سيقول?كثيرون هذا تكتيك قبل التمكين, كما قال لي قطب اخواني, وهنا اقول, اما ان الرئيس التركي ضلل ناخبيه بالقسم ولن يُبرّ به, هذا من جانب, وان حلفاءه من العسكر والقوميين الاتراك اغبياء جدا, فالرئيس التركي حظي بدعم من القوميين الاتراك ومن العسكر, وقاد تحالفا من احزاب ثلاثة, ضد خصومه تحالف الستة, وهذا من جانب آخر.
قد اتفهم انحياز الشارع الشعبي, الذي جرى تضليله بالخطاب الديني الغرائزي, وكذلك الذين قادتهم امانيهم المشروعة الى انضاج تجربة ديمقراطية على غرار التجربة التركية, التي شارك في صنعها قرابة 90% من الشعب التركي, والغريب ان معظم مؤيدي اردوغان من المقاطعين للانتخابات سواء كسلا او موقفا, علما بأن اردوغان وحزبه لم يقاطعوا يوما حتى في غمرة ضعفهم ووقوف العسكر ضدهم, وتلك مفارقة بحاجة الى قراءة من المؤيدين لمراجعة مواقفهم السياسية والاهم ان يتذكروا ان اردوغان وخلال زيارته للقاهرة في خضم الربيع العربي نصح القيادة المصرية?الاخوانية انذاك باعلان مصر دولة علمانية, ولم يستمعوا لنصيحته وباقي نصائحه.
المقلق وليس المستغرب هو احد قادة التيار الاسلامي, الذي قال في تغريدة له عقب فوز اردوغان» بعد 100 عام على تأسيس الجمهورية التركية انكسر الانقلاب المدني 2023 بعد فشل الانقلاب العسكري2016» وقد ارسلها لي احد اقطابهم ايضا, فهل في نظر اكبر حزب معارض ان مواجهة حزبه غدا في الانتخابات ستكون انقلابا مدنيا, وهل هذا العقل يستوعب وجود خصوم سياسيين, ونحن على ابواب اول انتخابات حزبية العام القادم؟ وهل تحالف الاحزاب الستة ضد الاحزاب الثلاثة التي قادها اردوغان انقلابا على الشرعية, وهل المطلوب بيعة للخليفة حسب وجهة نظرهم؟ ا? ان هذا العقل هو المسيطر على تيار الاسلام السياسي الاخواني وغيره من التيارات, وان كل احاديثهم عن الحرية وحق التعبير هو حديث افك وتجارة ضد السلطة, حتى يتمكنوا من السلطة وحينها ويل للمخالفين؟
لست في مقام مدح الرئيس التركي او مهاجمته, لكنه رئيس قدم لدولته الكثير, ونجح في وضع تركيا على الخارطة الدولية, وحقق توازنا في العلاقة بين التركيبات الدولية خصوصا في الحرب الاوكرانية الروسية, لكنه فعل ذلك من اجل تركيا وشعبها ومن اجل ناخبيه, فهل نحاول ان نفعل لوطننا ما فعل لوطنه؟
omarkallab@yahoo.com