مرايا – قال الدكتور عمر الرزاز رئيس الوزراء السابق: ان جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يسعى لتحقيق نقلة نوعية في الحوكمة الرشيدة.
وأضاف الرزاز لدى استقباله لوفد جماعة عمان لحورات المستقبل، أن لا ديمقراطية بدون ديمقرطيين، كما أن الديمقراطية ليست هدفا بذاتها لكنها وسيلة لحل المشاكل واتخاذ القرارات بالطرق السلمية، ومن خلال التشاور والحوار وقبول الآخر والتعددية والتنوع، وهي عملية تربوية تراكمية، يجب أن تبدأ من الأسرة ثم المدرسة والجامعة وصولا إلى المجتمع كله، لأن العالم كله لم يعد يؤمن بالأنظمة الشمولية، ولا بالانقلابات والثورات التي كانت تستبدل السلطة المستبدة بسلطة أشد استبدادا وقد اثبتت التجارب انها أنظمة هشة تنهار عند أول خدش يصيبها، والحمد لله انه ليس لدينا في الأردن نظاما دمويا، لذلك ليس لدينا جراحا عميقة.
وأشار الى ان الانتخابات البلدية مرحلة مهمة للتدريب على الديمقراطية والمشاركة وصناعة القرار وفي ترسيخ مبادئ المراقبة والمساءلة والمحاسبة، داعيا إلى توسيع صلاحيات البلديات وتوسيع مسؤوليتها، كما دعا إلى تعزيز دور مجالس المحافظات مع تقليل عدد اعضائها، مؤكدا ان توسيع مهام المجالس المحلية يخفف من حالة الاحتقان عند الناس من جهة، ويخفف من الانتقادات، ويفرغ الحكومة المركزية لوضع السياسات العامة من جهة ثانية .
وقال الرزاز إن مشكلتنا ليست في البرامج والخطط والاستراتيجيات، لكن مشكلتنا في عدم تطبيق ذلك كله، وهو أمر ناجم عن غياب مساءلة ومحاسبة المقصرين الذين يخلون بتقديم ما التزموا به من تعهدات تخص واجبات مواقعهم في الوظيفة العامة، وزادت المشكلة عندما صار الوصول إلى المواقع العامة هدفا بذاته، يسترخي بعده المسؤول ويميل إلى سياسة “سكن تسلم” ويحجم عن اتخاذ القرارات، فكثر اصحاب “الأيدي المرتجفة” وصار الخوف من اتخاذ القرارات ظاهرة خطيرة تهدد الإدارة العامة، علما بأن مبدأ التجربة والخطأ ليس عيبا ما دامت البوصلة بالاتجاه الصحيح، غير أن ظاهرة الخوف من اتخاذ القرار افقدت الموقع العام الكثير من هيبته، خاصة مع وجود مسؤولين يعتقدون ان بقائهم في مواقعهم ليس طويلا، لذلك يميلون إلى التمتع بمزايا الموقع، ويفضلون الصورة الإعلامية والنشاطات البرتوكولية ويهربون من المشاريع المتوسطة وطويلة المدى، مبينا أن ما زاد من هذه الظاهرة هو ضعف مؤسسات الرقابة وتراجع دورها الرقابي، خاصة في المساءلة حول الأداء.
وقال رئيس الوزراء السابق، إننا نحتاج إلى مأسسة صناعة القرار واتخاذه لترشيد الحوكمة، كما نحتاج إلى بناء الثقة لأن فقدان الثقة يرفع درجة الشك بكل شيء ويؤدي إلى رفض كل شئ، لذلك فإننا بحاجة إلى عمل تراكمي يبني جسور الثقة على مختلف المستويات، كما نحتاج إلى التدرج والى الإيمان بأن الإصلاح يبدأ من القاعدة ويتصاعد.
وأكد الرزاز على أهمية مؤسسات المجتمع المدني باعتبارها من مصادر معرفة المجتمع ومن قنوات التواصل معه، مع ضرورة اخضاع موازناتها للرقابة.
وجرى خلال اللقاء حوارا مطولا بين الرزاز ووفد جماعة عمان لحوارات المستقبل.