عمر كلاب
لا يوجد مصطلح مستفز على المستوى النظري, مثل مصطلح تمكين المرأة, الذي بات حاضرا في كل برامجنا وحواراتنا وحتى قوانينا, حتى خلنا ان المرأة في مجتمعنا كائن فضائي, يحتاج الى ادماج بعد أنسنته, وهذا ليس غريبا على عقل اردني, اعتاد الانحياز الى الفكرة دون توفير الارضية اللازمة لانجاحها وتوفير فرص الحياة لها, ناهيك عن الافتراض المقابل, ان الرجل يحظى بكل فرص التمكين والممكنات, وانه يعيش حياة رغيدة هانئة, وانه لا يبحث عن حقوقه العامة والخاصة, بعد الانحياز النظري لتمكين المرأة.
التمكين, يعني ان المرأة الاردنية تعاني من تهميش قصدي, وانها تمتلك كل ادوات المنافسة, لكن الاقصاء استهدفها لانها امرأة فقط, اي عنصرية جندرية, وهذا ليس صحيحا, فثمة اغفال لعوامل مهمة, ساكنة في عقل المرأة ذاتها, حتى الباحثات عن التمكين, وناشطات المساواة, فكلهن يصمتن عن فكرة رئيسة, قوامها ان التمكين لا يعني معاداة الرجل, او الاستقواء عليه او التشبه به, فلكل كينونته الذاتية, التي لا تعطي لتكوين ميزة على الاخر, الا بالاستعداد والجاهزية, فالتمكين اذن هو توفير المساواة في الفرص, والاجدر يستحق بصرف النظر عن جنسه.
اما ان يتم منح فرصة لشخص كل امكانياته انه امرأة, فهذا نهج سيفسد العدالة والمساواة, فليس التمكين ان تعمل امرأة سائق شاحنة, او ميكانيكي او عامل تحميل وتنزيل او وزيرة او سفيرة, بل التمكين ان لا تحرم امرأة من عمل او وظيفة لانها امرأة, وبالتالي الا تُعطى وظيفة لانها امرأة, ولعل التعديل الاخير في قانون العمل الذي فتح مهن مغلقة على المرأة هو اول الطريق لتمكين حقيقي, فلا ضير ان تعمل امرأة حارس ليلي او بودي جارد, طالما تمتلك المقومات اللازمة لشغل هذه الوظيفة, فالتمكين هو توفير العدالة للجميع لحصد ما يتقدم له من عمل?او وظيفة او منصب.
من يطلب التمكين, يجب ان يرفض منطق الوصاية او الاستلاب,فهل ثمة انسة قالت لخطيبها او حبيبها بأنها ستشارك مناصفة او حسب قدرتها في تكوين المنزل وبناء الاسرة على قدم المساواة حسب المقدرة؟ اشك في ذلك, بل معظمهن متطلبات واستثني فئة قليلة جدا من ذلك, فالمرأة ايضا تمتلك ذكاء غريزي, قادها الى الانانية, فهي تريد ظل الرجل, وتريد العيش برفاه, وتريد التمكين, وهذا لا يستقيم ابدا, فلكل مطلب كلفه التي يجب دفعها, واول التمكين العدالة والمساواة في المغنم والمخسر, وعكس ذلك سيبقى التمكين اسير السلطة, التي قد تكون سلطة ذكورية ا? سلطة عقول ذكورية في ثوب امرأة, واظن ان هذه اخطر العقول على المرأة, اعني المرأة التي ما زالت اسيرة المحبسين, ظل الرجل وسطوة الانثى.
تمكين المرأة ليس معزولا عن تمكين المجتمع, وتغيير ثقافاته ومرجعياته, والاهم تغيير عقل المرأة ذاتها, بالخروج من سيكوليوجية الانسان المقهور الى سلوك الانسان الراغب في انتزاع حقوقه, اما التمكين الشكلي المطروح على الموائد السياسية والتنظيرية, فهو تمكين لا يغني ولا يسمن من جوع, طالما ان ابناء الاردنيات موسومون بالبطاقة التعريفية, وطالما انها اسيرة المهر المعجل والمؤجل, فسيبقى التمكين مغالبة لا مشاركة وهذا سيجهض الفكرة من جذورها.
omarkallab@yahoo.com