أكد رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، أن الأردن يتابع التطورات في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة في ظل وجود الهدنة الحالية ووقف العدوان الإسرائيلي، وانتقال التطورات في قطاع غزة من الميدان إلى طاولة المفاوضات في الدوحة.

وقال الفايز، في مقابلة تلفزيونية، الأربعاء : إنه تم تدمير أكثر من 50% من البنية التحتية، وتم قصف وتدمير المستشفيات والمدارس ودور العبادة، وسقط آلاف الشهداء ووصل قرابة 15 ألف شهيد وأكثر من 25 ألف جريح، إضافة إلى وجود الآلاف تحت الأنقاض وآلاف المفقودين.

وأشار إلى وجود حصار وتجويع ونقص بالمواد التموينية والمعدات الطبية، كما نزح مئات الآلاف من شمال غزة إلى جنوبها بسبب العدوان الإسرائيلي.

وأضاف الفايز أن “المطلوب بعد هذه الهدن الإنسانية وقف حقيقي للعدوان، لكن للأسف أعتقد أن إسرائيل الآن مصممة على أن تستمر الهجمة العدوانية على غزة بعد انتهاء الهدنة”، مشيرا -الفايز- إلى المفاوضات التي تجري في قطر لتجديد وتمديد الهدنة ومحاولة التوصل لوقف إطلاق النار والمزيد من تبادل الأسرى، لكنه يؤكد بأن الوضع سيء جدا، والدعم الغربي مستمر للعدوان الإسرائيلي.

وأكد رئيس مجلس الأعيان أن الموقف الأردني تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة موقف متقدم ، بدءا من سحب السفير ونظر مجلس النواب بالاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال، وانطلاقا إلى باقي المواقف.

وقال إن الأردن بنى مواقفه تلك، انطلاقا من كونه الأقرب إلى القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فالعلاقات ما بين الشعبين الأردني والفلسطيني علاقات تاريخية، وقد كان هناك وحدة في بداية خمسينيات القرن الماضي، وقد كانت الضفة الغربية جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية قبل العدوان الإسرائيلي عام 1967، مضيفا “نحن دائما مشاعرنا ومواقفنا وكل إمكانياتنا مع إخواننا في فلسطين وفي الدفاع عن حقوقهم المشروعة”.

وقال إن جلالة الملك عبدالله الثاني ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزه، قام بمساع حثيثة وجولات عربية ودولية، بهدف وقف العدوان ولم يدخر أي جهد ممكن بهدف إيجاد الحل العادل للقضية الفلسطينية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية ، هذا بالإضافة إلى جهود جلالة الملكة رانيا العبدالله من خلال المقابلات التي أجرتها مع محطة CNNوالتي وضعت جلالتها فيها النقاط على الحروف، وبينت بوضوح ما هي الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، وبالإضافة أيضا إلى جولات وزير الخارجية وخطابه القوي في مجلس الأمن نصرة لفلسطين وإدانة العدوان وإدانة جرائم إسرائيل .

وأوضح الفايز أن الخطاب السياسي والدبلوماسي والإعلامي الأردني، كان خطابا قويا وواضحا، وقد استطاع الأردن إيصال رسالته للعالم بضرورة الوقف الفوري لهذا العدوان الهمجي، وتأكيد الأردن للعالم أجمع أن ما يجري في غزة، هو جرائم حرب يجب أن تحاسب عليها إسرائيل.

وأكد الفايز أن جلالة الملك عبدالله الثاني منذ أن تسلم سلطاته الدستورية، وفي كل المناسبات ومختلف المحافل الدولية، كان دائما في مقدمة المدافعين عن القضية الفلسطينية، ووجوب إيجاد الحل العادل لها، وإنهاء الصراع في المنطقة ، فاستمرار العدوان والاحتلال الإسرائيلي لا يولد إلا العنف ، فالكراهية لا تولد إلا الكراهية، والحقد لا يولد إلا الحقد، ولا يمكن أن يكون هناك أمن وسلام لإسرائيل إلا بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على أرض فلسطين في حدود عام 1967، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدا بأن هذا هو موقف الأردن الدائم والثابت والواضح والجلي.

وبخصوص ما يتعلق بالاتفاقيات الموقعة بين الأردن وإسرائيل، ووقف الأردن توقيع اتفاقية الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل، ومدى التأثير الممكن أن يكون لهذا الإيقاف على الجانب الإسرائيلي وسيناريو وقف باقي الاتفاقيات أو إعادة النظر بباقي الاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي، وإلى أي مدى هو سيناريو وارد بالنسبة للجانب الأردني، قال الفايز إن جهود الأردن لوقف الحرب على غزة وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه لن تتوقف، فالخطوة الأولى كانت إلغاء اتفاقية الطاقة مقابل المياه، والآن مجلس النواب من خلال اللجنة القانونية يدرس كافة الاتفاقيات الموقعة ما بين الأردن ودولة الاحتلال، وهناك اتفاقية الغاز، موضحا الفايز أن هناك جوانب قانونية يجب أن تدرس بعناية ، فمثلا إذا أخذت اتفاقية الغاز التي وقعت بين شركتين عام 2016، فإن هناك غرامات مالية كبيرة على أي طرف يخل بشروط الاتفاقية.

أما بخصوص إلغاء اتفاقية السلام بين الأردن وبين إسرائيل، فأشار الفايز إلى وجود وجهتي نظر، الأولى تقول إنه إذا ألغى الأردن الاتفاقية مع إسرائيل، يمكن لإسرائيل أن تستغل هذا الوضع وتعمل على تهويد القدس وضم الضفة الغربية.

أما وجهة النظر الثانية فتقول، “علينا استخدام الضغط الأردني والعربي والإسلامي والدولي، للحفاظ على هوية القدس العربية ومنع إسرائيل من ضم الضفة الغربية وتهويد القدس، وبالتالي نحول دون أن نعطي لإسرائيل أي ذريعة لضم الضفة وتهويد القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ولهذا يجب دراسة موضوع إلغاء اتفاقية السلام بعناية تامة”.

وفي معرض إجابته حول حديث الدبلوماسية الأردنية عن تصعيد في الخطوات الأردنية مقابل أي تصعيد إسرائيلي في قطاع غزة، وما هي الأوراق والأدوات التي يملكها الأردن ويمكن استخدامها ضد التصعيد الإسرائيلي، قال الفايز إن الأردن يدرس حاليا موضوع إلغاء الاتفاقيات مع دولة الاحتلال، ولكن بذات الوقت فإن الأردن لا يستطيع وحده أن يتحمل عبء القضية الفلسطينية، وبالتالي يجب أن يكون هناك موقف عربي وإسلامي لدعم الأردن في مواجهة العدوان الإسرائيلي وسياساته العنصرية والتوسعية.

وأضاف “أن الدول العربية والإسلامية عليها التصعيد أيضا ضد استمرار إسرائيل في عدوانها واحتلالها الأراضي الفلسطينية، فعلى تركيا دور، والعالم العربي والإسلامي دور، فكما يعلم الجميع أن الولايات المتحدة وأوروبا لهما مصالح اقتصادية وسياسية مع العالم العربي والإسلامي، لذلك يجب إيصال رسالة قوية لهما بضرورة وضع حد للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.

وقال الفايز إن جلالة الملك عبدالله الثاني قد صرح بكل وضوح، بأنه يجب أن يكون هناك تحالف دولي، يفضي إلى مؤتمر دولي يفرض حل القضية الفلسطينية على إسرائيل فرضا وبالقوة، مبينا الفايز أن أي مفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وحدهما ستستمر سنوات، فإسرائيل دائما تماطل ولا تريد السلام، وتصريح لنتنياهو الأخير قال فيه وبالحرف الواحد ” أنا الوحيد الذي يستطيع أن يمنع قيام دولة فلسطينية “، لذلك يجب فرض الحل على إسرائيل بالقوة، ووقف العدوان على قطاع غزة وحماية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، ففي الوقت الذي يجري فيه عدوان على غزة، هناك أيضا اعتداءات على الفلسطينيين في الضفة وعمليات قتل وتهجير من البيوت .

وفيما يتعلق بسياسات إسرائيل العدوانية الرامية إلى التهجير القسري للفلسطينيين، سواء إلى مصر أو الأردن، قال رئيس مجلس الأعيان إن هناك حديثا قويا بين ساسة إسرائيل حول التهجير، لكن جلالة الملك كان واضحا في موضوع التهجير، واعتبر جلالته أن هذا الأمر بمثابة إعلان حرب على الأردن، وحينها سيدافع الأردن عن ثوابته الوطنية وسيادته على أرضه، مضيفا أن “قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وشعبنا مستعدون للدفاع عن وطنهم والتصدي لأي عدوان إسرائيلي، وهنا نذكر دولة الاحتلال بمعركة الكرامة”.

وردا على سؤال إن كان الخيار العسكري هو سيناريو وارد في مقابل خطط التهجير من الضفة الغربية، قال الفايز “هذا أكيد، وكذلك الموقف المصري أيضا إن حاولت إسرائيل التهجير القسري للفلسطينيين، فالأردن ومصر متفقان على أن التهجير هو إعلان حرب من قبل إسرائيل، ويعني أيضا تصفية القضية الفلسطينية وضم الضفة وتهويد القدس”.

وأجاب الفايز على سؤال إذا كان إعلان الحرب يعني طرح الخيار العسكري من قبل كل من الأردن ومصر، هذا يعني أن إسرائيل لن تقدم على هذا المخطط مؤكدا أن هدف إسرائيل مما يجري في غزة والضفة الغربية، هو التهجير القسري للشعب الفلسطيني، لكن وبرأيي الشخصي لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستسمح بأن يكون هناك حرب ما بين إسرائيل وكل من الأردن ومصر، لأن ذلك سيوسع دائرة الصراع وسيؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة، ورسالة الولايات المتحدة وأوروبا يجب أن تكون واضحة بالنسبة لإسرائيل بأنهم لن يسمحوا بالتهجير وبوقوع حرب جديدة قد تنتقل إلى صراع دولي .

ورأى الفايز أن العدوان الإسرائيلي سيستمر، لكن إسرائيل لن تنتصر على المقاومة الفلسطينية ولن تقضي على حماس، مضيفا “لكن استمرار العدوان يعني المزيد من التدمير والمزيد من الشهداء والمصابين، لكن على إسرائيل أن تدرك أن الشعب الفلسطيني سيستمر بالمقاومة حتى أخر رمق ولو بقي فلسطيني واحد، لذلك يجب أن يكون هناك موقف عربي داعم للموقف الأردني لحث الولايات المتحدة وأوروبا لوقف العدوان وعدم انتقال الحرب على غزه إلى حرب إقليمية، وسيكون هناك أيضا انعكاس على السلم العالمي”.

وحول آلية تسلم الأسرى من قبل كتاب القسام قال الفايز إن ذلك يدل على أن المقاومة تسيطر عل كامل قطاع غزة، وأن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها في القطاع.

وأضاف أن المعاملة التي تلقاها الأسرى الإسرائيليون هي معاملة حسنة نابعة من قيمنا وأخلاقنا العربية والإسلامية، وهي بعكس المعاملة الإسرائيلية للأسرى الفلسطينيين.

وحول السؤال المتعلق بالفايز كونه أبرز شيوخ العشائر الكبيرة في الأردن، وكيف تنظر العشائر الأردنية إلى هذه التطورات في الأراضي الفلسطينية، وأي تأثير وتفاعل بين موقف العشائر والموقف الأردني الرسمي؟ أوضح رئيس مجلس الأعيان بأن “العشائر الأردنية هي جزء من النسيج الاجتماعي الأردني، وقد قدمت الشهداء في سبيل فلسطين في ثورة عام 1936 وفي عام 1948، واستطاعت العشائر الأردنية إنقاذ الضفة الغربية من براثن الصهيونية”.

وأضاف الفايز ” العشائر الأردنية دائما داعمة لفلسطين وقضية فلسطين، وهي جزء من المجتمع الأردني ككل، وهي داعمة للقضية الفلسطينية منذ بداية القرن العشرين، قدمت الشهداء تلو الشهداء، واختلط الدم الفلسطيني مع الدم الأردني على أرض فلسطين الطاهرة، فالعشائر الأردنية عشائر وطنية، وهي دائما مع فلسطين ومع شعب فلسطين ومع قيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس”.