طلبت إسرائيل من السكان مغادرة وسط مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة السبت وقصفت القطاع من الشمال إلى الجنوب بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحماية حليفتها من مطلب بوقف إطلاق النار.
ومنذ انتهاء الهدنة مطلع الشهر الحالي، وسعت إسرائيل توغلها البري في النصف الجنوبي من قطاع غزة باقتحام مدينة خان يونس الرئيسية. وفي الوقت نفسه، أعلن الجانبان عن تصاعد كبير في القتال بالشمال.
وقالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إن حملتها تحرز تقدما. وذكر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي أن القوات الإسرائيلية “قتلت ما لا يقل عن سبعة آلاف مسلح من حماس حتى الآن، دون أن يوضح مصدر هذا التقدير”، على حد وصفه.
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، مقتل 5 من أفراد جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال التوغل البري لقطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية منذ 7 تشرين الأول، مما يرفع عدد القتلى العسكر الإسرائيليين في التوغل البري إلى قرابة 100، وإلى 425 منذ 7 تشرين الأول.
كما قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي للجنود “إننا بحاجة إلى الضغط بقوة أكبر”.
وأعلنت كتائب القسام، السبت، استهداف 4 آليات عسكرية إسرائيلية بقذائف “الياسين 105” شرق حي الزيتون بمدينة غزة، وتفجير مبنى تحصن فيه عدد من جنود الاحتلال بـ 4 عبوات ناسفة وأوقعوهم بين قتيل وجريح شرق حي الزيتون بمدينة غزة، واستهداف دبابة ميركفاه إسرائيلية في محور شمال مدينة خان يونس بقذيفة “الياسين 105”.
وتحدثت الكتائب وهي الجناح العسكري لحركة حماس، عن تمكن مقاوميها من تفخيخ ونسف مدرسة تحصن بها عشرات من جنود الاحتلال وأوقعوهم بين قتيل وجريح شرق حي الزيتون بمدينة غزة، وعن تدمير ناقلة جند بعبوة شواظ واشتعال النيران فيها شمال مدينة خان يونس.
وقالت الكتائب إنها خاضت “معارك ضارية من مسافة صفر مع قوات إسرائيلية متوغلة غرب مخيم جباليا شمال قطاع غزة”.
وتجاوز العدد الإجمالي الرسمي للشهداء في غزة جراء الحرب الإسرائيلية والذي أحصته وزارة الصحة في القطاع 17700 السبت، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين ويعتقد أنهم استشهدوا تحت الأنقاض. وكانت الوزارة قالت في وقت سابق إن نحو 40% من الشهداء أطفال دون سن 18 عاما.
ونشر ناطق إسرائيلي يتحدث العربية خريطة في منصة إكس توضح ستة مناطق تحمل أرقاما في خان يونس طُلب من السكان إخلاؤها “بشكل عاجل”. وشملت الخريطة أجزاء من وسط المدينة لم تخضع لمثل هذه الأوامر من قبل.
وأصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحذيرات مماثلة الأسبوع الماضي قبل اقتحام الأجزاء الشرقية من المدينة. وقال السكان إنهم يخشون أن تكون أوامر الإخلاء الجديدة إيذانا بشن هجوم آخر.
وقالت زينب خليل (57 عاما)، التي نزحت مع 30 من أقاربها وأصدقائها في خان يونس قرب شارع جلال حيث أمرت القوات السكان بالمغادرة “قد تكون مسألة وقت قبل أن يقتحموا منطقتنا أيضا. كنا نسمع القصف طوال الليل”.
وتابعت “لا ننام بالليل، نظل صاحيين، نحاول ننيم الأطفال، نظل صاحيين من الخوف من قصف المكان فنضطر نركض ونحن نحمل الأطفال. وفي النهار تبدأ مأساة أخرى وهي: كيف نطعم الأولاد؟”.
ومع شح الإمدادات الغذائية والطبية أيضا، قال مسؤول كبير في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه يجري حاليا اختبار نظام جديد لإحضار المساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل، مما قد يسمح بزيادة الإمدادات. ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم توافق بعد على فتح المعبر.
وأجبرت الحرب الإسرائيلية الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على ترك منازلهم، ونزح العديد منهم عدة مرات. ومع احتدام القتال على امتداد القطاع، يقول السكان ووكالات الأمم المتحدة إنه لا يوجد الآن أي مكان آمن للجوء إليه.
وفي خان يونس، وصلت جثث شهداء وتدفق جرحى خلال الليل إلى مستشفى ناصر المكدس.
وهرع مسعف من سيارة الإسعاف وهو يحمل جسد طفلة ترتدي زيا وردي اللون. وفي الداخل، كان الأطفال الجرحى يبكون ويتلوون من الألم على الأرض بينما تسارع طواقم التمريض إليهم لتهدئتهم. وفي الخارج كانت الجثث مصفوفة وملفوفة بأكفان بيضاء.
آلاف المفقودين في عداد الشهداء
أظهرت لقطات حصلت عليها رويترز من داخل مستشفى يافا في دير البلح أضرارا جسيمة ناجمة عن غارة على مسجد مجاور. وأمكن رؤية أنقاض المسجد من خلال النوافذ المحطمة.
واتهم عاملون بالقطاع الطبي في شمال غزة، حيث يدور بعض من أعنف المعارك، إسرائيل باستهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف.
وقال أحد المسعفين العاملين بسيارات الإسعاف في حي الشجاعية بمدينة غزة لرويترز إن طواقم الإسعاف لا تتمكن في كثير من الأحيان من الاستجابة للمكالمات التي يتلقونها من الجرحى.
وأضاف المسعف، الذي طلب عدم الكشف عن هويته “حاولنا من قبل في الأيام الماضية التوجه إلى هناك وتعرضت فرقنا لإطلاق نار إسرائيلي”.
وقال محمد صالحة وهو مدير في مستشفى العودة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي حاصرت المستشفى لأيام بالدبابات، وأطلقت النار على الذين حاولوا الدخول أو الخروج. وأضاف أنهم “قتلوا” امرأة بالرصاص في الشارع وعاملا في المستشفى كان يقف عند نافذة.
وقالت وزارة الصحة إن القوات الإسرائيلية أطلقت الرصاص على اثنين من الطواقم الطبية داخل مستشفى كمال عدوان في شمال غزة أيضا السبت، مما أدى لاستشهادهما.
وأعلن مستشفى يافا في دير البلح بوسط قطاع غزة أنه توقف عن العمل الجمعة بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت به عندما قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي مسجدا مجاورا.
ونشرت عائلات في شمال القطاع رسائل على الإنترنت تناشد طواقم الطوارئ بالدخول إلى مدينة غزة.
الفيتو الأميركي يجعل واشنطن شريكة
في تصويت بالأمم المتحدة الجمعة، أيد 13 من أعضاء مجلس الأمن مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية. واستخدمت واشنطن حق النقض (فيتو) ضد مشروع القرار، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت.
وعبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت عن تقديره لاستخدام واشنطن حق النقض، وقال “ستواصل إسرائيل حربنا العادلة للقضاء على حماس”.
وقالت واشنطن إنها طلبت من إسرائيل بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين في المرحلة القادمة من الحرب.
لكن واشنطن تواصل دعم إسرائيل في إصرارها على أن وقف إطلاق النار لن يفيد سوى حماس.
وقال نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود أمام مجلس الأمن “لا نؤيد دعوة هذا القرار إلى وقف غير مستدام لإطلاق النار لن ينتج عنه سوى زرع بذور الحرب المقبلة”.
وندد عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة حماس باستخدام الولايات المتحدة حق النقض ووصفه بأنه “لا إنساني”.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن استخدام حق النقض جعل الولايات المتحدة شريكة في جرائم الحرب الإسرائيلية.