مرايا – شهدت الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم الأربعاء، عدة عمليات متوازية ضد الاحتلال الإسرائيلي في أكثر من جهبة، ما يعزز مفهوم “وحدة الساحات” التي أطلقتها حركات المقاومة بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على غزة والذي دخل يومه الـ 89، وتأتي بعد ساعات من اغتيال مهندسها صالح العاروري، لكنها لا تمثل ردًا على اغتياله بعد.
في هذا التوقت صدرت إعلانات متزامة من جنوب لبنان واليمن وقطاع غزة الذي يشهد المأساة الكبرى، وتخوض فيه المقاومة معارك شرسة دفاعًا عن الأرض، إلى جانب جبهة رابعة النار فيها تحت الرماد وهي الضفة الغربية.
و”وحدة الساحات” مفهوم جسده القيادي البارز ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، صالح العاروري الذي اغتالته إسرائيل مساء أمس في بيروت مع قادة في الحركة وكتائب القسام.
ويعتبر العاروري من الشخصيات التي جمعت بين العمل العسكري والسياسي، داعيا للوحدة الفلسطينية، ولديه قبول مع مختلف الفصائل الفلسطينية.
ضربة مشتركة والهدف واحد
في تمام الثانية بتوقيت فلسطين (الثالثة بتوقيت الأردن)، الأربعاء، وصلت العديد من الأنباء من جبهات ثلاث، أولها من المقاومة في غزة إذ أعلنت عن عدة عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال المتوغلة في القطاع.
وكان القاسم المشترك بين هذه الجبهات هو “التوقيت”.
بدأتها غزة بالإعلان عن عملية مشتركة بين كتائب القسام وكتائب المجاهدين تمكنوا فيها إسقاط طائرة استطلاع صهيونية من نوع هيرمز 900 بصاروخ مضاد للطائرات شرق مدينة غزة، ثم تمكن مقاتلو كتائب القسام وسرايا القدس من استهداف تجمع للآليات الإسرائيلية شرق حي التفاح والدرج بقذائف الهاون.
كما أعلنت كتائب القسام سيطرتها على طائرة درون صهيونية خلال مهمة لها جنوب حي الزيتون بمدينة غزة، ودك تجمعاً لآليات وجنود الاحتلال بقذائف الهاون شرق حي التفاح والدرج بمدينة غزة، واستهدف دبابة صهيونية بقذيفة “الياسين 105” في منطقة الشيخ عجلين بمدينة غزة.
وأعلنت استهداف مقر قيادة وتجمعات لجنود الاحتلال شرق جبل الريس بقذائف الهاون، ثم أصدرت بيان عسكري نعت فيه العاروري ومن معه.
من جهتها، أعلنت سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، خوض اشتباكات ضارية بالأسلحة الرشاشة مع جنود الاحتلال في محاور التقدم شمال قطاع غزة، إضافة إلى قنص جنديين صهيونيين في محور التقدم شمال مخيم البريج مؤكدين مقتل أحدهما وإصابة الآخر.
أما الجبهة الثانية، والتي تتصاعد فيها حدة الاعتداءات الإسرائيلية وهي الضفة الغربية، فهي تشهد إضرابا شاملًا حدادًا على العاروري.
فيما حزب الله، الذي دخل معركة “طوفان الأقصى” بعد انطلاقها، في الجبهة الثالثة، والذي أكد على ضرورة وجود رد على الجرائم الإسرائيلية، وآخرها اغتيال العاروري، أعلن عن ضرب ثكنة زرعيت بالأسلحة المناسبة، وتحقيق إصابات مباشرة فيها.
ولا يعتبر هجوم حزب الله الأخير جزءا من الرد على اغتيال العاروري الذي توعد به، بل هو ضمن عمليات الجبهة المساندة لغزة، إذ تبقى مسألة الرد من عدمه متعلقة بأمين عام الحزب حسن نصر الله الذي يُترقب خطاب له مساء اليوم.
وعند الجبهة الرابعة، اليمن، استهدف الحوثي سفينةِ ” CMA CGM TAGE سي إم أي سي جي إم تَيج ” كانتْ متجهةً إلى موانئ فلسطين المحتلة، وفقا لبيان صادر عن المتحدث باسم جماعة الحوثي يحيى سريع.
وقال سريع، الأربعاء، إنّ عمليةَ الاستهدافِ جاءتْ بعدَ رفضِ طاقمِ السفينةِ الاستجابةَ لنداءاتِ القواتِ البحريةِ اليمنيةِ بما في ذلك الرسائلُ التحذيرية النارية.
وأكد استمرارهم في منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من الملاحة في البحرين الأحمر والعربيِ حتى إدخالِ ما يحتاجُه إخوانُنا في قطاع غزة من غذاء ودواء. والتي ضربت الاقتصاد الإسرائيلي.
مخاوف إسرائيلية
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء، رفع حالة التأهب على طول الحدود مع لبنان، وذلك بعد ساعات من اغتيال العاروري.
وعبرت نائبة مدير المكتب الإعلامي لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل” كانديس أرديل عن “القلق العميق” إزاء أي احتمال للتصعيد قد يكون له عواقب مدمرة على جانبي الخط الأزرق، الفاصل بين لبنان وإسرائيل.
العاروري.. “مهندس الوحدة”
العاروري الذي وصف بـ”مهندس وحدة الساحات”، وهي فكرة خرجت لمقاومة الاحتلال من ساحات عدة فرّقتها إسرائيل جغرافيا، وجمعتها ردود المقاومة التي انطلقت للرد على جرائمها من القدس والضفة الغربية وغزة وأراضي الـ48 المحتلة.
واتسعت الفكرة لتشمل معركة “سيف القدس” في مايو/أيار 2021 وجولة القصف الصاروخي الذي نفّذته المقاومة من ساحات غزّة ولبنان وسوريا، رداً على جرائم الاحتلال في المسجد الأقصى.
ولم تقتصر مخاوف إسرائيل من العاروري على فكرة وحدة ساحات المقاومة في مواجهتها، بل أزعجها تأثيره وتحركاته في الضفة الغربية، لدرجة أنها اعتبرته محركاً أساسياً ومنظماً للخلايا ولعمليات المقاومة فيها.
كانت لمخاوف إسرائيل أذرع كثيرة، فهو رجل المصالحة الفلسطينية الذي نجح في الاجتماع مع قادة حركة فتح لبحث مسألة إنهاء الانقسام، وهو القائد الذي شارك في هندسة صفقة شاليط، بالإضافة إلى امتلاكه علاقات واسعة على المستوى السياسي والعسكري في إيران ومع قادة حزب الله اللبناني، كما كان من بين الذين دعوا “لاستغلال كل جبهة ممكنة في محيط فلسطين”.