شهدت الصناعة الأردنية خلال 25 عاما مضت من عمر الدولة الأردنية، نشاطا لافتا للنظر في عملية الإنتاج والتصدير، مما فتح أمامها أسواقا لم تعهدها سابقا، وتمكنت منتجاتها من الوصول إلى أسواق 142 دولة حول العالم.

ومن بين طيات كتب التكليف السامي، بعث جلالة الملك عبدالله الثاني رسائل عديدة للحكومات المتعاقبة من أجل دعم المنتج المحلي ووضع مواصفات علمية له ليكون قادرا على المنافسة محليا وخارجيا، وتقوية قاعدة الإنتاج بجميع عناصرها، والاستعانة بالتقنيات الحديثة، والترويج للصناعة الأردنية وفتح أسواق جديدة أمامها وزيادة التصدير.

ومنذ البواكير، منح جلالة الملك القطاع الصناعي، الدافعية والعزيمة لمواصلة قاطرة الإنتاج والتصدير والتحديث وتوسيع خطوط الإنتاج وتنويع الأعمال والاستثمار، بما يسهم في رفعة الاقتصاد الوطني وجعل شعار “الاعتماد على الذات” حقيقة ملموسة على أرض الواقع.

وعلى الدوام، كان جلالة الملك يوجه ويحث الجميع على ضرورة الاستثمار بالفرص المتوافرة لدى الأردن لدعم الصناعات الأردنية، والاستفادة من الشراكات الاستراتيجية مع العديد من دول العالم، ولا سيما التي تشكلت خلال السنوات الأخيرة وضمت دولا عربية عديدة.

ويوصف القطاع الصناعي الذي تصل حصته في السوق المحلية إلى 45%، بأنه القائد لقاطرة الاقتصاد الوطني والمحرك الرئيس للنمو والتنمية المستدامة وتوليد فرص العمل، والزاخر بالفرص الواعدة الداعمة لتحقيق الاعتماد على الذات.

وقال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان فتحي الجغبير، إن جلالة الملك عبدالله الثاني هو الداعم الرئيس للصناعة الأردنية، فدوما يوجه بتذليل العقبات أمام الصناعة، وإيجاد السبل الكفيلة لدعمها، لتعزيز دورها الداعم للاقتصاد الوطني وتشغيل الأردنيين.

وأضاف الجغبير، بمناسبة مرور 25 عاما على يوم الوفاء والبعة وتسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية، إن الصناعة الأردنية دخلت عصرا مختلفا بفعل الدعم والاهتمام الذي تلقته من جلالة الملك، حيث تفخر الصناعة بأنها تعمل على تحقيق رؤية جلالته بضرورة الاعتماد على الذات، من خلال تطوير الصناعات الأردنية وتنويعها، واستقطاب استثمارات نوعية، وبما يسهم بتوفير المزيد من فرص العمل.

وتطرق الجغبير إلى زيارات جلالته الميدانية للعديد من المصانع والقطاعات المختلفة، معتبرا إياها بمثابة رسالة ملكية للجميع بأن الصناعات الوطنية يجب أن تكون على رأس الأولويات الاقتصادية، بالإضافة إلى تبعاتها الإيجابية أمام المستثمرين والصناعيين الأردنيين والعرب والأجانب داخل المملكة.

وأوضح أن الصادرات الصناعية حققت في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني قفزة هائلة من نحو 993 مليون دينار عام 2000، وصولا إلى 7.985 مليار دينار خلال عام 2022.

كما تضاعف حجم الاستثمار الصناعي خلال العقود الأخيرة ليصل إلى نحو 10 مليارات دينار، مصحوبا بارتفاع أعداد المنشآت الصناعية من 4 آلاف منشأة خلال عام 1999، إلى 18 ألفا عام 2022 في عموم البلاد، منها 16.2 ألف منشأة حرفية، و1.8 ألف منشأة صناعية، فيما يصل معدل النمو السنوي في أعداد المنشآت إلى 0.3% منذ العقد الماضي.

وبين أن القطاع الصناعي حقق نموا وقفزات نوعية على مستوى الإنتاج، وزادت القيمة المضافة للقطاع من مليار دينار عام 1998، إلى 7.33 مليار دينار عام 2022، ويلاحظ ذلك من خلال ارتفاع مساهمة القطاع الصناعي من نحو 19% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 21.7% في 2022.

وأشار إلى إن جائحة كورونا التي هزت أركان العالم، كانت محطة فارقة للصناعة الأردنية أظهرت خلالها قدرات إنتاجية كبيرة، ووفرت العديد من السلع الأساسية للمواطنين والقطاعات المختلفة، خاصة منتجات المعقمات والمطهرات والأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية الأساسية.

وأكد أن القطاع الصناعي حاز على جل اهتمامات جلالة الملك، فتأسيس غرفة صناعة الأردن عام 2005 كهيئة وطنية تضم تحت مظلتها جميع الغرف الصناعية بالمملكة، وكممثل شرعي للقطاع الصناعي بمختلف قطاعاته الفرعية العشرة، أسهمت في رسم السياسات العامة، ورعاية مصالح المنشآت الصناعية والحرفية، وتمثيل القطاع الصناعي في مختلف المحافل المحلية والدولية، للنهوض بالصناعة الأردنية وتحسين مزاياها النسبية والتنافسية.

ولفت النظر إلى أن جلالته يؤكد في مختلف المناسبات والمحافل على ما تمتلكه الصناعات الأردنية من إمكانات وقدرات تؤهل المملكة لتكون مركزاً إقليمياً للصناعات الاستراتيجية وذات القيمة المضافة العالية، مبينا أن ذلك ظهر جليا برؤية التحديث الاقتصادي التي وضعت القطاع الصناعي، وعددا من قطاعاته الفرعية على رأس القطاعات ذات القيمة المساهمة في تحقيق أهدافها وتعزيز التنمية الاقتصادية.

وأوضح أن الصناعة أصبحت اليوم عامل جذب للاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء، ليصل حجم الاستثمار الصناعي إلى نحو 15 مليار دينار، وليتضاعف حجم رأس المال المسجل لجميع منشآته ليصل لأكثر من 4.54 مليار دينار، موزعة على مختلف منشآته الصناعية والحرفية.

وبين أن عدد العاملين في القطاع الصناعي أصبح اليوم يوظف نحو 268 ألف عامل وعامل جلهم من الأردنيين، لتسهم بذلك الصناعة المحلية بما يزيد على 21% من القوى العاملة في الأردن، مقارنة مع 140 ألف عامل خلال العام 1999.

وأكد أن جلالته سعى جاهداً خلال الفترة الأخيرة لبناء اقتصاد وطني قادر على الاعتماد على الذات، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين والنهوض بالاقتصاد الوطني، ولم يدخر جهداً في توجيه الحكومات المتعاقبة على البلاد خلال العقدين الماضيين لتذليل جميع العقبات الاقتصادية التي تواجه أبناء الشعب الأردني، وتحسين الظروف الاقتصادية للأردنيين في مختلف مناحي الحياة.

وأوضح أن الفرص لا تزال كامنة بالصناعة الأردن والمقدرة بنحو 4.4 مليار دولار تتركز بمنتجات الأسمدة بقيمة مليار دولار، والصناعات الكيماوية 726 مليون دولار، والألبسة 560 مليون دولار، والصناعات الدوائية 461 مليون دولار، والموارد المعدنية 328 مليون دولار.

وأشار إلى أن جهود جلالته تجلت بإطلاق رؤية التحديث الاقتصادي التي تبنت القطاع الصناعي كأحد أهم ركائز النمو والتنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، باستهداف رفع إنتاجية القطاع من 5.3 مليار دينار إلى نحو 11.1 مليار دينار مع حلول عام 2033، وبالتالي زيادة حجم الصادرات الصناعية من نحو 4.8 مليار دينار عام 2021 إلى نحو 19.8 مليار دينار خلال نهاية عام 2033، إلى جانب استحواذ القطاع الصناعي على ما يقارب ثلث فرص العمل التي استهدفتها الرؤية بنحو 314 ألف عامل.

وحسب الجغبير؛ استهدفت الرؤية من خلال دعم القطاع الصناعي بالعديد من المبادرات والبرامج بأن يستقطب القطاع استثمارات أجنبية تقدر بنحو 10.2 مليار دينار للسنوات المقبلة، كذلك وضعت القطاع الصناعي على رأس أولوياتها من خلال مضاعفة حجم الإنتاج المحلي الإجمالي لتوفير 260 ألف فرصة عمل بحلول عام 2033، والتركيز على القطاعات الصناعية الاستراتيجية والواعدة لتحقيق ميزة تنافسية، وزيادة مساهمة الصادرات في النمو الإجمالي داخل القطاع بنسبة تتراوح بين 35 و65%.

وعدد الجغبير أبرز المبادرات المقترحة للقطاع الصناعي داخل رؤية التحديث الاقتصادي، وهي مساعدة الصناعات الصغيرة والمتوسطة على تحسين الإنتاجية وتنافسية الكلف، وتأسيس مركز متخصص وتوفير قاعدة بيانات بيانات خاصة وتزويد الصناعة بمخرجات بحث علمي تعمل على تمييز منتجاتها، وتحفيز ريادة الأعمال، ودعم برامج ترويج المنتجات المحلية، وتعزيز التنسيق بين الجهات الرسمية، وإطلاق مبادرة وظائف النساء العاملات في الصناعة.

وأشار إلى مبادرات الرؤية التي شملت كذلك خفض كلف الطاقة، وعلى رأسها أثمان الكهرباء وشبك مجمعات الصناعة بالغاز الطبيعي، ووضع خطط تفصيلية لتنفيذ استراتيجيات الصناعة بما في ذلك خطط خاصة بصادراتها، واستقطاب استثمارات وصناعات جديدة، وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتبسيط القوانين واللوائح التنظيمية وتنفيذ برامج للتدريب المهني وصقل المهارات، وإطلاق مبادرة جاذة متخصصة في وظائف القطاع الصناعي.

ولفت الجغبير النظر إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي استهدفت العديد من الصناعات عالية القيمة، التي طالت الصناعات الهندسية والكيماوية والغذائية والزراعية والأمن الغذائي والتعدين والمحيكات والأدوية، بحجم استثمار متوقع يبلغ 14.4 مليار دولار، تشكل 35% من إجمالي الاستثمارات المراد استقطابها للاقتصاد الوطني حسب ما حددت رؤية التحديث الاقتصادي.