منجزات لافتة حققتها وزارة الثقافة بالتزامن مع اليوبيل الفضي لتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية تدفع بالمشهد الثقافي نحو خطوات تراكمية متقدمة تتسق مع السردية الوطنية الأردنية، وتتماشى مع التطوير والتحديث ومتطلبات العصر، وتوزيع مكتسبات التنمية في جميع محافظات المملكة.

فقد شهد القطاع الثقافي في 25 عاما الماضية نقلات كمية ونوعية في المدن والقرى والبوادي والمخيمات في محافظات المملكة كافة عملت وزارة الثقافة خلالها على تعزيز البنى التحتية، وتوسيع مشاركة الشباب، وتعزيز فرص مشاركة المرأة، وإدماج ذوي الإعاقة، وتوسيع مشاركة المحافظات، والانتقال التدريجي إلى الفضاء الإلكتروني.

كما عملت الوزارة على مواكبة الرؤى الملكية لتوفير شروط الإبداع في المجالات الإدارية والتشريعية والبرامجية التي من شأنها الارتقاء في البعديْن المعرفي والثقافي.
وفي سياق تعزيز السردية الوطنية الأردنية حملت الوزارة على عاتقها بالتشبيك مع الوزارات والمؤسسات الوطنية في القطاعات العامة والأهلية والخاصة، مسؤولية الاحتفالات باليوم الوطني للعلَم الأردني “حملة علَمنا عالٍ” الذي يصادف في 16 نيسان من كل عام، وكذلك اليوم الوطني للقراءة الذي يصادف في 29 أيلول من كل عام.
كما أولت الوزارة المشاركات الخارجية اهتماما خاصا ومدروسا وبما يعكس صورة حضارية عن الأردن وحضورا تاريخيا وثقافيا من أبرزها مشاركة الأردن ضيف شرف في مهرجان القاهرة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والخمسين.
وإيمانا بأهمية القوة الناعمة التي تعد الثقافة أحد عناصرها الرئيسة، شهد عهد جلالة الملك عبدالله الثاني استحداث تشريعات من شأنها تطوير الحالة الثقافية والفكرية في المملكة تمثلت بقوانين رعاية الثقافة رقم (36) لسنة 2006 وتعديلاته، وحق الحصول على المعلومات، والملْكية الفكرية/ حق المؤلف والحقوق المجاورة، والوثائق الوطنية رقم (9) لسنة 2017، بالإضافة إلى بروتوكولات مأسسة إجراءات إنفاذ قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في نهاية عام 2020، وأنظمة نشر الثقافة والتراث، وجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية، والتفرغ الإبداعي الثقافي الأردني، وصندوق دعم الثقافة.
وفي مجال التخطيط لتطوير الحالة الثقافية، وضعت الوزارة خططا من أبرزها خطط التنمية الثقافية الأولى عام 2006، والثانية عام 2017، والاستراتيجية الثقافية الوطنية 2023-2027 وبرنامجها التنفيذي، و الإطار النظري الاستراتيجي للثقافة عام 2022.
وعلى صعيد البنى التحتية شهدت مختلف محافظات المملكة في عهد جلالته توسعا كبيرا، إذ أنشئ المبنى الجديد لدائرة المكتبة الوطنية، ومراكز الملك عبدالله الثاني الثقافي، ومركز الأميرة سلمى للطفولة في الزرقاء، والأمير الحسين بن عبدالله الثاني الثقافي في معان، واربد الثقافي في اربد، والحسن الثقافي في الكرك، ومركز عجلون الثقافي، ومتحف الحياة البرلمانية في عمان، إلى جانب ترميم بيت عرار الثقافي في اربد وتهيئته لاستقبال الفعاليات والأنشطة الثقافية والعمل جارٍ على افتتاح مركز جرش الثقافي في الثلث الأول من العام الحالي، والمباشرة بإنشاء مراكز ثقافية في كل من الطفيلة ومادبا والعقبة، وتخصيص قطع أراض لإقامة مركزي السلط والمفرق.
وشهد مجال النشر ودعم الكتاب والباحثين الأردنيين تطورا ملحوظا على امتداد الأعوام (1999-2023) تمثل بالنشر المباشر، ومنها إصدارات مدن الثقافة الأردنية، والتفرغ الإبداعي، والإصدارات الخاصة بالمناسبات، وإصدارات القدس عاصمة الثقافة العربية.
كما تم دعم النشر للكتاب الأردنيين ومنها إصدارات الهاشميين وإصدار معجم الكتاب، ومعجم الفنانين، وإصدارات برنامج مكتبة الأسرة على مدار 17 دورة تم من خلالها إعادة إصدار 887 عنوانًا في مختلف المعارف الإنسانية بواقع 3 ملايين و 576 ألف نسخة، كما أصدرت الوزارة نحو 600 عدد من دورياتها الشهرية والفصلية وهي: أفكار، وسام، فنون، الفنون الشعبية، وصوت الجيل، بواقع مليوني نسخة تقريبًا.
وشهد عهد جلالة الملك نموا في عدد الهيئات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني التي تنضوي تحت مظلة وزارة الثقافة ما أسهم في زيادة حضور المشهد الثقافي وتنوعه على امتداد مساحة الوطن إذ ارتفعت من 150 جمعية وهيئة ثقافية عام 1999 إلى 746 نهاية عام 2023.

وسعيا لتحقيق توزيع مكاسب التنمية الثقافية جاء مشروع مدن وألوية الثقافة الأردنية الذي يستهدف تمكين القطاعات الثقافية والمثقفين خارج العاصمة عمان وفي مرحلته الاولى تم تنفيذه على المدن الثقافية في 12 محافظة مستهلا عام 2007 بإربد مدينة الثقافة الأردنية، فيما تلا ذلك المرحلة الثانية من المشروع؛ مرحلة الألوية والأقضية في المحافظات حيث تم تنفيذ المشروع شاملا في (18) لواءً، وتم هذا العام اختيار لواء المزار الجنوبي، لواء دير علا، وأقضية عجلون مجتمعة (قضاء عرجان وقضاء صخرة).
وحرصاً من وزارة الثقافة على رعاية التراث الثقافي غير المادي وصونه في المملكة، ونشر الموروث الشعبي الأردني محليًا وعالميًا، أُسست مديرية التراث عام 2010 بناء على قرار من مجلس الوزراء لتكون المديرية المرجعية الرئيسة للتراث الثقافي غير المادي في الأردن، وتعمل المديرية على تحقيق الأهداف الوطنية في حقل التراث الثقافي غير المادي، وفي الوقت نفسه تحقق التزامات الدولة الأردنية بما تضمنته الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن.
وفي هذا الإطار حققت الوزارة العديد من المنجزات أبرزها إنشاء المكتبة التراثية التي تضم عدداً من كتب التراث الثقافي المادي وغير المادي والوثائق (السمعية، والمرئية، والبصرية)، وموقعا إلكترونيا لغايات توثيق البحوث والدراسات والمعلومات والأبحاث في مجال التراث غير المادي، مثلما حصرت التراث غير المادي في محافظات مادبا، الكرك، الزرقاء، البلقاء، جرش، المفرق، والعقبة، وتعمل على استكمال عملية الحصر لباقي المحافظات.
كما تم إنجاز مشروع مكنز التراث الشعبي الأردني ومن خلاله تم انتاج خمسة مجلدات تحوي 75 ألف مفردة تراثية شائعة في الأردن عالجت العادات والتقاليد والمعارف والأدب والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، علاوة على إقامة العديد من المهرجانات التراثية والتنوع الثقافي، وإدراج العناصر التراثية الأردنية على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية من خلال منظمة اليونسكو؛ ومنها فن السامر في الأردن والنخلة والعادات والطقوس المرتبطة بها والخط العربي، والمنسف في الأردن.
وتندرج تحت إنجازات وزارة الثقافة ومتابعتها ملفات مدن الثقافة العربية والإسلامية ضمن برامج المنظمة
العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) لاختيار مدن أردنية عواصم للثقافة العربية والإسلامية، حيث اختيرت عمّان عاصمة الثقافة العربية للعام 2002، والقدس عاصمة الثقافة العربية للعام 2009، وعمّان عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2017، وإربد العاصمة العربية للثقافة للعام 2022.
وعلى امتداد ربع قرن من عهد جلالة الملك نظمت وزارة الثقافة 19 دورة من ملتقى عمّان الثقافي، والعديد من المهرجانات الفنية والثقافية التي تسهم في رفع مستوى الوعي وإغناء المعارف، والارتقاء بالذائقة الفنية، والمساهمة في الارتقاء بمستوى المسرح العربي بخاصة، والفنون بعامة، مثلما قدمت الدعم المالي واللوجستي سنويًا لعديد المهرجانات المسرحية والفنية، وضمن التعاون العربي والدولي وقعت الوزارة أكثر من (60) اتفاقية وبرنامجا ثقافيا تنفيذيا.
وضمن سياستها في التطوير والتحديث ومواكبة مستجدات العصر والتطور الرقمي، شاركت الوزارة بجميع عمليات التحول الرقمي مثل الاقتصاد المعرفي من خلال إطلاق العديد من المواقع والمنصات الرقمية التابعة لها، إنطلاقا من أهداف الوزارة ورسالتها وموقع الأردن في قلب العالم رمزيا وجغرافيا، ومواقفه من مختلف القضايا العربية والعالمية، والرؤى الملكية التي تجسدت في كتب التكليف وخطاباته السامية التي ركزت على توطين المعرفة، والانفتاح على لغة العصر والإفادة مما تتيحه التكنولوجيا، والاهتمام بالشباب، وتمكين المرأة كجزء من عملية الإصلاح فكرا ونهجا،
وتوسيع المشاركة وتوزيع مكتسبات التنمية، والتشاركية وتطوير فكرة الصناعات الثقافية التي من شأنها أن تسهم في رفد عجلة الإنتاج الوطني.

وانطلاقًا من أن الثقافة بمعناها الانثروبولوجي لا تشكل قطاعًا منفصلًا عن باقي القطاعات الإنتاجية المختلفة، وإنما تمثل في مختلف حقولها إطارا يشتبك مع كل القطاعات الإنتاجية لتحسين نوع الحياة، والارتقاء بالوعي، عملت الوزارة على تقديم دعم لمشاريع التمكين ثقافيا وفنيا، منها الدعم السنوي لبرنامج رعاية نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل بالتعاون مع مديرية الأمن العام، من خلال برنامج ثقافي فني متعدد الأوجه.
وفي إطار مبدأ عدالة توزيع مكتسبات التنمية الثقافية أطلقت الوزارة مكتبة الطفل المتنقلة عام 2007 كي تجوب مناطق المملكة خاصة، النائية منها؛ لتوفير مادة معرفية وترفيهية للأطفال في تلك المناطق. (بترا- مجدي التل)