أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية للأعوام 2023/2024 بعنوان “الخروج من المأزق: صورة التعاون في عالم الاستقطاب” والذي يشير إلى اتجاهات مقلقة على الصعيد العالمي، إذ تتمحور هذه الاتجاهات حول تفاقم التفاوتات التنموية والتي بدورها تؤدي إلى تعميق حالة انعدام المساواة وإهمال الفئات الأكثر فقراً. ومن الناحية الإيجابية، فما زالت تشير التوقعات إلى بلوغ التنمية البشرية مستويات قياسية في عام 2023 رغم تراجعها في عامي 2020 و2021 نتاج الأزمات التي شهدها العالم.
ومع تزايد التركّز الاقتصادي، تزداد أوجه عدم المساواة تعقيداً على المستوى العالمي.
وقد أفاد التقریر بأن نسبة تناھز 40% من حجم التجارة العالمیة في السلع محصورة ضمن دائرة ثلاثة بلدان أو أقل. وبحسب التقرير، فقد تجاوزت قیمة رأس مال كل شركة من أكبر ثلاث شركات عالمیة تعمل في قطاع التكنولوجیا، ما يعادل حوالي 90% من الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 90% من البلدان في عام 2021.
وفي ھذا الإطار، تناول التقرير تقييماً مفصلاً لأداء البلدان في مجموعة من المؤشرات التي تُعنى بقياس تقدمها في مجالات التنمية البشرية. ومن هذه المؤشرات، مؤشر التنمية البشرية، ومؤشر التنمية حسب الجنس، ومؤشر التنمية البشرية المعدّل بعامل عدم المساواة، ومؤشر الفوارق بين الجنسين، ومؤشر الفقر المتعدد الأبعاد، ومؤشر التنمية البشرية المعدّل بعوامل الضغط على الكوكب، ومؤشر الأعراف الاجتماعية بين الجنسين.
وفيما يخص أداء الأردن في هذه المؤشرات التي تناولها التقرير، فقد جاء تصنيف الأردن في مؤشر التنمية البشرية الذي يقيس مستويات التنمية المتحققة في ثلاثة أبعاد متمثلة بالحياة الطويلة والصحية والوصول إلى المعرفة والقدرة على الحصول على مستوى معيشي لائق، ضمن مجموعة الدول التي أحرزت مراتباً متقدمة في هذا المؤشر، حيث حقق درجة تبلغ 0.736 / 1 وترتيب 99 / 193 دولة في عام 2022. علاوةً على ذلك، فقد بيّن التقرير، تقدّم أداء الأردن في هذا المؤشر حيث ارتفعت درجته من 0.622 / 1 في عام 1990 إلى 0.736 في عام 2022، أي بما يعادل 18.3%.
أما بالنسبة لأداء الأردن في مؤشر التنمية حسب الجنس، والذي يقيس مستويات التنمية المتحققة في أبعاد مؤشر التنمية البشرية نتيجة سد الفجوات على مستوى النوع الاجتماعي من خلال تصنيف المؤشرات الكلية للدول بحسب مستويات المساواة بين الجنسين وفقاً لخمس مجموعات من الأولى إلى الخامسة، أي من الأكثر مساواة إلى الأقل. وفي هذا السياق، فقد بلغت درجة الإناث في هذا المؤشر 0.622 / 1 مقابل درجة تبلغ 0.767 / 1 للذكور. وبدرجة كلية للأردن تبلغ 0.863 / 1، جاء تصنيف الأردن ضمن المجموعة الخامسة من الدول المصنّفة في المؤشر في عام 2022.
أما فيما يتعلق بمؤشر التنمية البشرية المعدّل بعامل عدم المساواة، فهو مؤشر يقيس أبعاد التنمية البشرية آخذاً بعين الاعتبار التفاوتات فيما ينعكس منها على كافة سكان البلد. وفيما يخص أداء الأردن في هذا المؤشر، فقد أشار التقرير إلى انخفاض درجة الأردن بمعدّل 16.4% مقارنةً بمؤشر التنمية البشرية، مما أدى إلى خفض درجته في مؤشر التنمية البشرية المعدّل بعامل عدم المساواة إلى 0.615 / 1 في عام 2022.
وأما بالنسبة لمؤشر الفوارق بين الجنسين، فهو يقيس مستويات التفاوت التنموية بين الجنسين في أبعاد الصحة الإنجابية والتمكين والمشاركة في سوق العمل. وفي هذا المؤشر الذي يتم قياسه بدرجة من 0 – 1 (تتمثل الدرجة الأفضل كلما اقتربت إلى 0 والأضعف إلى 1)، حصل الأردن على درجة تبلغ 0.449 / 1 وترتيب 111 / 166 دولة في عام 2022، والتي تعتبر أقل من المتوسط العالمي في درجات الفوارق المتحققة بين الجنسين.
أما فيما يتعلق بمؤشر الفقر المتعدد الأبعاد، فهو يقيس أوجه الفقر المرتبطة بجوانب حياة الأفراد اليومية كالإسكان، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والكهرباء. وفي هذا المؤشر الذي يتم قياسه بدرجة من 0 – 1 (تتمثل الدرجة الأفضل كلما اقتربت إلى 0 والأضعف إلى 1)، حيث حصل الأردن على درجة تبلغ 0.002 / 1 في عام 2022.
وبالنسبة لمؤشر التنمية البشرية المعدّل بعوامل الضغط على الكوكب، فهو مؤشر يقيس أبعاد التنمية البشرية الأساسية إضافةً إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والبصمة المادية. وبالنسبة لأداء الأردن في هذا المؤشر، فقد حصل على درجة تبلغ 0.706 / 1 في 2022، والتي تعتبر أقل من درجة المتوسط العالمي في مؤشر التنمية البشرية المعدّل بعوامل الضغط على الكوكب.
وبالإضافة، يشمل التقرير نتائج استطلاع للرأي تقوم به مؤسسة المسح العالمي للقيّم لقياس مؤشر الأعراف الاجتماعية بين الجنسين في جميع البلدان المشمولة في التقرير، حيث يتمحور المؤشر حول قياس مدى تفاعل المجتمع مع مسارات المساواة بين الجنسين على الأصعدة السياسية، والتعليمية، والاقتصادية. وفيما يخص آلية قياس هذا المؤشر، فهي تتم من خلال تحويل الاستجابات النوعية الواردة في المسح إلى مؤشرات قياس كمية تٌعرض بدرجة من 0 – 1 أو كنسبة مؤية. وفي هذا السياق، تتمثل الدرجة الأفضل كلما اقتربت إلى 0 والأضعف إلى 1. وفيما يخص أداء الأردن في هذا المؤشر، فقد كانت نسبته المتحققة تبلغ حوالي 98.46%.
ويتضمن التقرير مقترحات حول كیفیة إعادة ترتیب الترابط العالمي، حيث تتمحور حول:
•تحقيق منافع عامة على مستوى الكوكب تسهم في تعزيز استقرار المناخ.
•تسخير التكنولوجیات الجدیدة للتنمیة البشریة المنصفة لأجل تحقيق المنافع العامة الرقمیة على المستوى العالمي.
•تطبيق آلیات مالیة جدیدة ومبتكرة، بما في ذلك مسار جدید في التعاون الدولي يدعم المساعدة الإنسانیة والمعونة الإنمائیة التقلیدیة المقدمة لبلدان الدخل المنخفض.
•تطوير نهُج جديدة للحوكمة ترتكز على زيادة إشراك المجتمع في الحد من الاستقطاب السیاسي والتصدي للمعلومات المغلوطة.
**المزید من البیانات الھامة المستقاة من التقریر:
•في عام 2023، حققت البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمیة، البالغ عددھا 38 بلداً، مستویات أعلى مما كانت علیه في عام 2019 حسب دلیل التنمیة البشریة.
•شھدت أقل البلدان نمواً، البالغ عددھا 35 بلداً، انخفاضاً في مؤشر التنمیة البشریة في عامي 2020 و 2021، ولم یعد أكثر من النصف (18 بلداً) إلى مستویات التنمیة البشریة في عام 2019.
•لم یف أيٌّ من المناطق النامیة بمستویات مؤشر التنمیة البشریة المتوقعة على أساس اتجاھات ما قبل عام 2019 بل یبدو أنھا حوّلت المسار إلى مسارٍ أدنى لمؤشر التنمیة البشریة، وقد یشير ذلك بانتكاسات دائمة في تقدم التنمیة البشریة في المستقبل.
•تظھر آثار الخسائر في التنمیة البشریة في كل من أفغانستان وأوكرانیا. إذ سجل مؤشر التنمیة البشریة في أفغانستان تراجعاً كبيراً، فعاد إلى القیمة التي كان علیھا قبل عشر سنوات، وبلغ في أوكرانیا أدنى مستویات منذ عام 2004.
•یستشھد التقریر بالأبحاث التي تشیر إلى أن البلدان ذات الحكومات الشعبویة لدیھا معدلات نمو أقل في الناتج المحلي الإجمالي. وبعد خمسة عشر عاماً من تولي حكومة شعبویة السلطة، سجل تراجع في نصیب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10% ممّا قد یكون علیه إذا تولت حكومة غیر شعبویة السلطة.