قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الخميس، إن القمة العربية التي تقام في البحرين تعقد في ظروف استثنائية، مشددا على أن العدوان الإسرائي على الشعب الفلسطيني في غزة، بكل ما ينطوى عليه من وحشية وتجرد من الضمير يُمثل حدثا تاريخيا فارقا.
وأضاف خلال أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها العادية 33 في البحرين، أن الشعوب العربية “لن تنسى العنف الأعمى الذي أظهره الاحتلال الاسرائيلي، وهو يستهدف النساء والأطفال، ويطارد المهجرين والمشردين من ملاذ إلى آخر بالقنابل والرصاص”.
وأشار أبو الغيط إلى أن العالم كله أصبح مدركاً لحقيقة باتت ساطعة وهي أن الاحتلال والسلام لا يجتمعان، مؤكدا على أن الاحتلال لا يُمكنه الاستدامة سوى بممارسة التطهير العرقي وبالإمعان في فرض واقعه الغاشم بقوة السلاح.
وأكد على أن طريق السلام والاستقرار في هذا الاقليم يقتضي منهجا مختلفا يقتضي تخلي الاحتلال الإسرائيلي عن أوهام الاحتفاظ بالأرض والسيطرة على البشر، ويقتضي الإنهاء الفوري للاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 1967″.
“لكن ما رأيناه من الاحتلال عبر الشهور الماضية يُشير إلى أن الأوهام لا زالت تحكم التفكير، وأن تصورات القوة والهيمنة العرقية لا زالت تسيطر على السياسات، وللأسف قدمت بعض الدول الغربية غطاء سياسياً، بالذات مع بداية العدوان، لكي تُمارس إسرائيل هذا الإجرام في قطاع غزة، واليوم يقف حتى أقرب أصدقائها عاجزاً عن لجمها”، وفق أبو الغيط.
وقال إن النكبة التاريخية لم تمحو الفلسطينيين من الوجود، ولم تخرجهم من الجغرافيا ولم تشطبهم من التاريخ، مضيفا “أبناء أبنائهم هم من يمارسون هذا الصمود الأسطوري اليوم على الأرض في قطاع غزة وكافة ربوع فلسطين”.
وأكد أبو الغيط على أن التهجير القسري مرفوض عربيا ودوليا ومرفوض أخلاقيا وإنسانيا وقانونيا … “مرفوض ولن يمر”.
وأكد على أن لا أحد يريد العودة إلى اليوم السابق على السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وما يرتكبه الاحتلال من فظائع وشناعات في غزة لن يُعيد إليه الأمن، قائلا “إننا نريد الانتقال إلى المستقبل وليس العودة إلى ماض مأسوي أوصلنا إلى هذه النقطة، ولا مستقبل آمناً في المنطقة سوى بمسار موثوق، لا رجعة عنه، لإقامة الدولة الفلسطينية”.
وطالب الأمين العام المجتمع الدولي، بمن فيه أصدقاء إسرائيل بإقامة مؤتمر دولي للسلام يُجسد رؤية الدولتين التي تحظى بالإجماع العالمي، وبالعمل على مساعدة الطرفين، ومرافقتهما لتحقيق هذه الرؤية في أجل زمني قريب، إنقاذاً لمستقبل الشعوب الذين يستحقون السلام والأمن في فلسطين والعالم العربي وفي إسرائيل أيضا.
وقال إن أزمات المنطقة لا زالت مفتوحة والكثير من الجراح لم يلتئم، موضحا أن الجرح في السودان غائر وخطير، لأنه يُهدد بقاء الدولة ووحدة مؤسسات الوطنية ويهدد حياة الملايين من الناس، داعيا الجميع إلى إسكات البنادق فورا صونا لحرمة الدم السوداني الغالي ولوحدة الوطن المهدد بالانقسام.
وأضاف أن في “اليمن وليبيا وسوريا أزمات أنهكت الدول والشعوب، وأزمات مجمدة تنتظر حلولاً وتسويات تستعيد الأوضاع الطبيعية التي تتطلع إليها الشعوب في هذه الدول، وكذلك جيرانهم ممن طالهم أذى هذه الأزمات وتبعاتها الخطيرة”، داعيا إلى العمل بلا كلل للاستمرار ومواصلة الجهد من أجل إيجاد حلول عربية للأزمات العربية.
وقال “يمر العالم بحالة غير مسبوقة من الاستقطاب المنذر بالخطر والخسارة للجميع، وينأى العالم العربي بنفسه عن أن يكون طرفا في استقطاب نرى بوضوح مآلاته السلبية على العالم.، ونستمر من خلال الجامعة العربية في إدارة علاقات متوازنة بين المجموعة العربية وكافة الشركاء والمجموعات الدولية من الشرق والغرب؛ علاقات تتأسس على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، ولا تحمل انحيازا لطرف ضد طرف أو اصطفافا في صراعات يخرج الجميع منها خاسرا”.
وأكد أبو الغيط على أن الدول العربية تسعى في علاقاتها مع جيرانها في الإقليم إلى علاقات بناءة من حسن الجوار تتأسس على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، موضحا أن هدف الشعوب العربية هو التنمية ومواجهة المشكلات القائمة، والكثير من هذه الدول تتبنى خططا طموحة تهدف إلى وضع المنطقة العربية في مكانها اللائق على الساحة العالمية.
وشدد على أن العمل الجماعي هو السبيل إلى تحقيق رخاء الجميع، قائلا “لن يخرج العرب من عثراتهم إلا بالتضامن مع بعضهم، ولن ينهضوا إلا معا”.