عمر كلاببداية لا يمكن الاستكانة الى ان ايران عدو, استجابة لمحاولات مسمومة غربية وصهيونية, لتكريس ذلك, فالخلاف مع ايران على النفوذ, فيما يبقى الصراع مع العدو الصهيوني صراع وجود, خاصة وان الطوفان, قد اوصل الصراع الى حدوده الصفرية, كما هو الواضح من السلوك الصهيوني, فإما نحن واما هم, ومن يراهن على صمت هدير المدافع او نهاية الحرب قبل الوصول الى المستوى الصفري, اظنه واهم او متأمل, بهدنة في احسن الاحوال, ثم تعود الامور الى أصلها من حرب.

لنبدأ بقراءة ايران ومشروعها, وهل هي محور شر, ام محراك شر, كما يقول الفلاحون في بلادنا, دون شك يحمل المشروع الايراني, بذوراً طائفية وإثنية, من حيث نظرية تصدير الثورة على قاعدة ولاية الفقيه, او الاصرار على تسمية الخليج الفارسي, بدل العربي, او الاسلامي, اذا كان المشروع واسعا, باتساع رقعة الجغرافيا المشاطئة للخليج, ومشروعها كدولة حق لها, لكنه يتسع او يضمر, تبعا للمشاريع المقابلة, فالمشروع الطائفي لم يتصدَ له مشروع نقيض, حتى محاولة احياء العثمانية كخلافة سنية, امام مشروعها الشيعي.

طبعا لا يوجد مشاريع قومية حاضرة ولا حتى مشاريع حضارية انسانية ديمقراطية, وهذا هو الاطار الاوسع, الذي يواجه اي مشروع محدود الافق, مهما بلغت دائرته الاثنية او المذهبية, لأن المشروع الحضاري يقوم على المواطنة وحقوقها, ولعل هذا كان كلمة سرّ نجاح دول كثيرة في اصقاع الكون, ومشروع ايران كان يحتاج الى تورية مذهبية, كسلوك تكتيكي, لاخفاء الهدف الاستراتيجي, ووجدت ضالتها في حركات اسلامية سنية, تسعى الى الانعتاق من الاستعمار والضعف او تسعى الى التميز والسيادة, فكانت حركة مسلمي البوسنة, ثم دعم حركة حماس وقبلها وبشكل اعمق?حركة الجهاد, وشعار تحرير فلسطين وفيالق القدس جاذباً دون شك.

لم تنجح حركة الجهاد في خطف السبق الايراني, رغم الدعم الكبير من ايران, فالاخوان كانوا منذ البواكير في المنطقة, والجهاد ظاهرة ثمانينية من القرن الماضي, فالتقطت حركة حماس الشهوة الايرانية لتجميل ذاتها, او لربما التقطت ايران الحركة, فجادت عليها بالمال والعتاد والتدريب والانفاق, ولولا ذلك لما نجح مشروع حماس الانقلابي في غزة, حتى مع ضعف السلطة الفلسطينية, ومع نجاح الانقلاب, صارت حماس اكثر حاجة لايران, من حاجة ايران للحركة, فديمومة المشروع الحمساوي يحتاج الى ايران مالا وسلاحا وديمومة واستدامة.

وهنا انزلقت الحركة بأكثر مما ينبغي في المشروع الايراني, الذي كان يمكن فهمه بحكم انها حركة مقاومة وحركة تحرر, بالضرورة تحتاج الى حلفاء خارج فلسطين, حتى لو كانت مساحة الاختلاف المذهبي واسعة, فالمهم في تحالفات حركات التحرر, النفاذ بين شقوق الاختلافات بين ايران والمشروع الصهيوني, وهذا ديدن كل حركات التحرر في العالم, من فيتنام الى نيكارغوا, فانت تبحث عن حليف وداعم, او عدو لعدوك حتى لو كان مشروعه يؤرق مجالك الحيوي, واعني دول الطوق والخليج العربي.

ايران التقطت المحور, وصنعت اذرعها الرئيسة, حزب الله والحشد الشيعي, وكانت ساحة دمشق موئلا للجميع, ولا يمكن انكار او اخفاء القطبة المذهبية بين دمشق وطهران منذ نجاح ثورة الخميني في طهران, وانحياز دمشق الى مذهبيتها على حساب عروبتها, سواء في الحرب الايرانية العراقية او في حفر الباطن, وقفزت عن الدور الايراني في احتلال بغداد, كان المحور صارخا في مذهبيته, ولا بد من كسر هذه المذهبية, فكانت حماس الحركة هي مسحوق التجميل المطلوب, لكنها اغفلت – اي الحركة – انها ما استفادت من ايران كداعم وحليف, قدر استفادة ايران, وفي زم? التضحيات لقطف الثمار, لن تكون التضحية الا بالاذرع الفرعية, قبل الرئيسة.

خلاصة الامر, ان العلاقة مع ايران الدولة والمشروع, تتفاعل بمقدار عداء ايران لمشروع الغرب الصهيوني, ولا يكون ذلك على مصلحة الاستراتيجي للحركة, كونها حركة تحرر وطني فلسطيني, عمقها عربي, حتى في ظل حالة الضعف العربي, وبقائه اسير عبث مشاريع الاقليم الثلاثة, الصهيوني والتركي والايراني, ودون شك صراع الوجود مقدم على صراع النفوذ, وهنا بيت القصيد الذي على حماس والجهاد ادراكه, وليس الاندغام في المشروع الايراني او التركي.. وللحديث بقية.

omarkallab@yahoo.com