عمر كلابعلى مدى الايام الماضية ناقشت في هذه الفسحة عام على الطوفان, حماس والمحور الممانع, وبقي محور الاعتدال وخلاصة العام, بعد ان تحولت الحرب الى واقع اقليمي, نشبت اظافرها في لبنان بعد فلسطين, بضفتها وغزتها, ولذا اعتقد ان المناقشة على مدار الايام الفائتة, تُقرأ مجتمعة, وساختم بمحاولة الاجابة على سؤال, مفاده ما الفوارق الاجرائية, بين محور الاعتدال ومحور الممانعة؟ هل خذلت دول الاعتدال المقاومة, وهل جلبت دول الممناعة النصر للمقاومة؟

سأبدأ من دول الاعتدال ومحورها, ونقصد بهذا المحور, الدول التي راهنت على الحلول السياسية والتفاوض والضغط الديبلوماسي, لايجاد حل للقضية الفلسطينية, عنوانه العريض, حل الدولتين, وكان التبرير للامساك بهذا الحل, رغم كل الاجراءات الصهيونية التي وأدته, انه اذا لم نتمكن من اقامة الدولة الفلسطينية, فلا يعني ذلك التفريط بها, فلا يمكن لصاحب ارض ان يذهب الى دائرة الطابو للتنازل عن ارضه للسارق, لعجزه عن استردادها, وهذا رأي فيه وجاهة.

لكن, بالمقابل, لم يقدم هذا المحور, بديلا او طريقا ثانيا ولو حتى مخرج ضيق, في حال فشل هذا السلوك, وعدم الاستجابة له, كما لم يتوحد اصلا هذا المحور, تحت لافتة واحدة او برنامج سياسي تنفيذي, فيه خطوات تصعيدية ديبلوماسية طبعا, حتى لا اقع في فخ الامنيات الكبرى, حال عدم الاستجابة لرأيه او مطالبه, فخرج للاسف من دائرة الفعالية والفاعلية, ولم يحقق تبادلية في ادواره, فالدول التي تمتلك علاقات مع الغرب, بعيدة عن فصائل المقاومة, والدول التي امتلكت علاقات مع الفصائل, كان نفوذها الغربي محدود, او على الاقل افترضت ان العلاقة?مع فصائل المقاومة, رصيدا حيويا لها, وليس رصيدا جمعيا لمحور الاعتدال.

صحيح ان الاردن قدم في هذا العام خطابا سياسيا, اعلى بكثير من مفهوم الاعتدال السائد, بل وتخطى في كثير من الاوقات, خطاب محور الممانعة, وصحيح ايضا ان مصر, وقفت سدا منيعا امام محاولات تهجير الغزيين, لكن التناغم المصري الاردني, يحتاج إلى دعم واسناد عربي وإسلامي أكبر, فغرد الاردن منفردا, في خطابه الساخن والحازم, وظلت مصر تواجه مخاطر التهجير, دون اسناد حقيقي, حتى على المستوى الاغاثي, الذي تصدت له الاردن بما يفوق امكانات دول عظمى, وهو اسناد ليس اغاثيا بالمعنى الانساني, بل اسناد سياسي, يستهدف ابقاء الفلسطينيين على ا?ضهم.

محور الممناعة, لم يكن بأحسن حالا, فرغم انه ممسوك بالقبضة الايرانية, الا ان تشظيه الداخلي لا يخفى على احد, ولعل ما رأيناه من مسلكيات, داخل مجتمعات دول المحور, بعد استشهاد امين عام حزب الله حسن نصرالله, تكشف مستوى التباين وربما التضاد, اذن نحن امام حالة من الارباك والارتباك في المحورين, محور غير متماسك واعني الاعتدال, ومحور ممسوك دون ايمان داخلي, وهذه العقدة, لا خيار امام حلها, الا بتوافق بين المحورين, على ارضية تقديم الاوليات, بين صراع النفوذ وصراع الوجود, ولعل جولة وزير الخارجية الايراني على دول الاعتدال ا?صلبة, في مواجهتها للمشروع الصهيوني, تحمل بذور الامل, في تقديم المتوافق عليه, وتاجيل المختلف عليه, مشفوع برغبة صادقة من الجميع, للخروج من مأزق التشرذم.

تركيا, ايران, مصر والاردن, يمكنهما انتاج حالة توازن في الاقليم, من خلال تذخير برنامج الاعتدال, بنهج مقاوم, نجح في الحاق اضرار بالمشروع الغربي الصهيوني, وبعقلنة المقاومة, التي تحتاج الى برنامج سياسي, قادر على تحويل نجاحتها وخساراتها الى مشروع سياسي ناجز, فكل نتائج حرب, تحسمها طاولة التفاوض وليس هدير المدافع.

omarkallab@yahoo.com