مرايا –
العلامة الفارقة في عمل الحكومة الحالية برئاسة الدكتور جعفر حسان، ورغم مرور شهرين فقط على تشكيلتها، أمران أساسيان، الأول النهج المؤسسي والبناء على الخطط والبرامج الإصلاحية بمساراتها الثلاثة السياسي والاقتصادي والإداري، والثاني الانطلاق بقوة إلى الميدان والتواصل مع المواطنين ومختلف القطاعات.
وتعكس جملة القرارات والإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة خلال فترة وجيزة التعاطي الناجع مع الملفات التي تستهدف تحريك الوضع الاقتصادي وتنشيط مختلف القطاعات خاصة الدافعة أكثر من غيرها للنمو والتي تؤثر مباشرة في معيشة المواطنين وتخفف الأعباء عنهم وتزيد المقدرة على مجابهة التحديات وتساعد القطاعات الاقتصادية على تجاوز الظروف الراهنة.
كما تعبر تلك الإجراءات عن إدراك الحكومة ومطبخها الاقتصادي للأولويات التي يجب العمل على أساسها وفق برنامج يقوم على التراتبية في التنفيذ وحسب المراحل اللازمة لذلك وعلى وجه الخصوص الملفات التي يمكن معالجتها فورا دون تأخير والتي يلمس نتائجها المواطن والاقتصاد الوطني مباشرة وأخرى تنفذ على مديين، قصير وطويل المدى، كالمشروعات الاستثمارية الضخمة في البنى التحتية التي تحتاج إلى وقت ليس بالقصير حتى ترى النور.
وما تم اتخاذه من إجراءات حتى الآن يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي ومستهدفاتها التي تصب في مجملها في رفع نسب النمو الاقتصادي والحد من الفقر والبطالة وتوفير حياة أفضل للمواطنين.
وجاءت القرارات الحكومية التحفيزية، حسبما هو ممهنج، لتشمل مختلف القطاعات كالسياحة والعقار والتجارة والصناعة والخدمات والمرافق اللوجستية وغيرها، وهي تصب في خدمة المواطن وتخفيف الأعباء عنه بشكل مباشر وغير مباشر إضافة إلى تنشيط بيئة الأعمال وزيادة إيرادات الخزينة.
ويرى مختصون أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حتى الآن ستظهر آثارها سريعا في السوق الأردني سواء في مجالات السياحة أو السوق العقاري والتجارة والصناعة وغيرها وكذلك مساعدة المواطنين على تلبية احتياجات أساسية بكلف أقل مثل شراء المساكن واقتناء المركبات الكهربائية وترخيص السيارات المنتهية تراخيصها والتي ترتبت عليها مبالغ كبيرة.
وبتقديرات الخبراء فإن الناتج المحلي الأردني المقدر حاليا بحوالي 36 مليار دينار سيرتفع بشكل واضح خلال الفترة المقبلة من خلال الانتعاش المرتقب للقطاعات المشمولة بالإجراءات التحفيزية ما ينعكس على توفير مزيد من فرص العمل وزيادة الجاذبية الاستثمارية للمملكة في مختلف القطاعات.
ويعتقد الخبراء أن الحكومة، استنادا إلى منهجيات العمل التي تقوم بها، ستنجح في تعزيز ثقة المواطنين بها ومقدرتها على تطوير الوضع الاقتصادي والاستمرار باتخاذ ما يلزم من إجراءات مدروسة لتحريك القطاعات الاقتصادية والخدمية وتعظيم مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي والتغلب على مشكلتي الفقر والبطالة والحد من المديونية.
ويتفق الخبراء مع ما جاء في تصريحات رئيس الفريق الاقتصادي/ وزير الدولة للشؤون الاقتصادية الدكتور مهند شحادة بأن هذه الإجراءات والأخرى المنتظرة ستعمل على «تيسير الإنفاق من خلال جملة الإجراءات والقرارات التي اتخذتها والمرتبطة بالجمارك والضريبة والأموال الأميرية وذلك لتوفير سيولة مالية بشكل غير مباشر لدى المواطنين يمكن ضخها في السوق المحلية لتسهم بتنشيط النشاط الاقتصاد».
ولا توجد تقديرات لكلفة الإجراءات الحكومية المتخذة على الخزينة لكن الخبراء يرون أنها وإن كانت بمبالغ طائلة فإن العائد المستهدف أكبر بكثير من ناحية تحفيز الوضع الاقتصادي وتنشيط القطاعات المختلفة وزيادة فرص العمل المستحدثة في القطاع الخاص وبالتوازي مع ذلك تحسين معيشة المواطنين وتلمس احتياجاتهم واتخاذ القرارات اللازمة لتخفيف الأعباء المالية المترتبة عليهم.
وفي قطاع العقار وحده يتوقع أن تساهم تلك الإجراءات برفع حجم التداول في السوق العقاري بحوالي 500 مليون دينار سنويا وربما يزيد عن ذلك في الفترات اللاحقة.
استثمار اجتماعي اقتصادي
الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ»الدستور» إن هذه الإجراءات تصب مباشرة في العوائد المالية والتجارية والخدمية التي تخص القطاعات الاقتصادية والمواطنين، وهي جزء مهم من الدور الذي تقوم به الحكومات ويشعر به المواطنون والمستثمرون والقطاعات المختلفة.
وأضاف: «توجد أيضا حالة ديناميكية في مفاصل الاقتصاد وتحرك المسننات الساكنة فيه وتبعد الصدأ الاقتصادي من أن يصبح تلفا في بعض مسارات العملية الاقتصادية».
ورأى أن تلك الإجراءات ربما لن تكون ذات كلفة عالية جدا وهي مدروسة وفي حال استثمر المواطنون تلك الإجراءات بالحصول على العائد منها من تخفيضات وإعفاءات من الرسوم والضرائب على السيارات وترخيصها والشقق السكنية وضريبة المسقفات وغيرها فإن الكلفة على الخزينة ستصل إلى 100 مليون دينار لكن العائد هو نوع من الاستثمار الاجتماعي والاقتصادي ويخدم العملية التنموية وهو شكل من أشكال الإنفاق على الترويج للعمليات الاقتصادية المقبلة.
وقال الخبير عايش إن المضاعف الإنفاقي والاستثماري من وراء ذلك سيتضاعف عدة مرات ما يؤدي إلى تحريك العملية الاقتصادية والاستهلاكية والتجارية وذلك بمثابة تحريك للعجلة الاقتصادية قبل اعتماد الموازنة للعام 2025 والحكومة ستدخل في أول علاقة مباشرة مع مجلس النواب الجديد بعد نيل الثقة وهي بذلك ربما تمهد الطريق أيضا لتعاون أفضل مع النواب وتتحول الحوارات من معارضة إلى نقاش بناء وعصف ذهني بناء لتجويد القرارات والوصول إلى عائد أفضل على الاقتصاد الوطني.
ويرى أن تلك الإجراءات تزيد من مساحة الثقة مع الحكومة وتخلق تفاعلا إيجابيا معها على ألا تكون الأعمال مجردة ومنقطعة عن حالة مستمرة.
وقال إن الحكومة وضعت يدها على الجرج الذي يتعلق بالناس ماليا واجتماعيا لأن العائد لا يحسب بالكلفة على الموازنة وإنما الاستثمار الاجتماعي والاقتصادي بما يخلق أثرا مضاعفا يفوق ما خسرته من ذلك ويوصف ذلك بالاهتمام بالصحة المالية الاجتماعية والاستثمارية وينعكس على الصحة المالية للاقتصاد برمته.
إعفاء أرباح صادرات الخدمات
إعفاء أرباح صادرات الخدمات من ضريبة الدخل المتحقق للمكلف من تصدير عدد من الخدمات حتى تاريخ 31/12/2033 سيؤدي إلى زيادة حجم وقيمة الصادرات الوطنية وتعظيم الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الأردن مع عدة بلدان وتكتلات اقتصادية دولية. كما سترتفع مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 60%.
والقطاع يساهم في توظيف ما نسبته 80% من القوى العاملة المحلية، ومن شأنه تخفيز صادرات القطاع تعظيم الاستفادة من الفرص الخارجية في ضوء ارتفاع الطلب على منتجاته المختلفة.
الإعفاءات الضريبية
يرى القطاع التجاري أن إعفاء المعنيين بالقضايا الجمركية المكتشفة أو التي تم تنظيم ضبوطات جمركية بشأنها قبل تاريخ 31 كانون الأول 2019 من الغرامات المترتبة عليهم بنسبة تصل إلى 90% هو خطوة في الاتجاه الصحيح ويأتي في توقيت مناسب للتخفيف من الأعباء المالية على المستوردين الذين يمرون بظروف ضاغطة نتيجة لتداعيات العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
تحفيز السياحة
السماح بدخول جنسيات كانت مقيدة إلى المملكة مثل السودانيين والليبيين سيعمل على تعزيز القطاع السياحي الذي يعد من أهم القطاعات الرافدة للنمو وتعزيز الاحتياطيات من العملات الأجنبية وتوفير فرص العمل وتحريك القطاعات الأخرى مثل الطيران والخدمات وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي.
تحفيز العقار
-إعفاء الشقق السكنية من رسوم المسقفات بنسبة 50% لمدة 3 سنوات لمن يشتري شقة لأول مرة.
– إعفاء الشقق السكنية التي تبلغ مساحتها أكثر من 150 مترا مما نسبته 50% من رسوم التسجيل بالإضافة إلى القرار السابق بإعفاء الشقق ما دون 150 مترا بنسبة 100% من رسوم التسجيل.
– مبادرة البنوك بتخفيض الفائدة بنسبة 4.99% على القروض السكنية لمدة 3 سنوات متتالية.
رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان السابق كمال العواملة لـ «الدستور» إن هذه الاجراءات سترفع الطلب على الشقق السكنية بنسبة 7% خلال الفترة المقبلة حيث يتوقع ارتفاع حجم التداول في سوق العقاري سنويا البالغ حاليا 7 مليارات دينار بحوالي 500 مليون دينار سنويا نتيجة لذلك.
سوق المركبات
– إعفاء المركبات المنتهية ترخيصها لأكثر من عام من رسوم الترخيص والغرامات المترتبة عليها ويصل عددها لأكثر من 550 ألف مركبة غير مرخصة يترتب عليها 332 مليون دينار كرسوم حسب الوزير شحادة.
– إعفاء السيارات المصممة كليا لتعمل على الكهرباء والتي تزيد قيمتها الجمركية على 10 آلاف دينار ولا تتجاوز 25 ألف دينار مما نسبته 50% من الضريبة الخاصة المفروضة عليها لتصبح 20% بدلا من 40%.
ويرى مستثمرون في قطاع تجارة المركبات أن الاقبال على السيارات الكهربائية سيشهد ارتفاعا خلال الفترة المقبلة نتيجة لتخفيض الرسوم الجمركية عليها مقارنة مع القرار السابق وبالتالي تحريك السوق والخدمات اللوجستية ذات العلاقة .
كما أن الإعفاء من رسوم الاقتناء عن السنوات السابق للمركبات غير المرخصة من شأنه تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين المستفيدين من القرار وكذلك تحقيق عائد مالي للخزينة.
مشروعات استثمارية
ينتظر البدء بتنفيذ مشروعات استراتيجية كبرى في عدة قطاعات مثل الناقل الوطني للمياه حيث سيكون الغلق المالي للمشروع خلال العام المقبل ومشروع سكة الحديد من العقبة إلى الشيدية وغور الصافي ومشاريع الطاقة والإعلان عن احتياطي مبشر من الغاز في منطقة الريشة ومشروعات أخرى في مجالات الصناعة والنقل والبنى التحتية.
يضاف إلى ذلك ارتفاع الإنفاق الرأسمالي في مشروع موازنة 2025 ما سيولد آلاف فرص العمل وتنشيط مختلف القطاعات وتخفيض العجز المالي وما إلى ذلك.
الحد الأدنى للأجور
أظهرت الحكومة التزاما وجدية برفع الحد الأدنى للأجور الذي ما زال عند 260 دينارا رغم ارتفاع التضخم وتآكل الدخول حيث سيتم، حسبما أعلن وزير العمل، خلال أيام، الإعلان عن مقدار الزيادة من قبل اللجنة الثلاثية التي تضم ممثلين عن الحكومة وأصحاب العمل والعمال.
الدين العام
تخفيض المديونية العامة بشقيها الداخلي والخارجي أولوية يتوجب العمل عليها خلال الفترة المقبلة وفق آليات واضحة حيث أكدت الحكومة التزامها بخدمة الدين وإدارته بأفضل طريقة وهناك سيناريوهات عديدة بهذا الخصوص منها استبدال جزء من الديون بقروض ميسرة وبنسب فائدة أقل من خلال علاقات المملكة الوثيقة مع دول شقيقة وصديقة إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة بالعالم.
مؤشرات مالية مهمة
بالتوزاري مع الاجراءات التحفيزية تظهر العديد من المؤشرات المالية والاقتصادية تحسنا واضحا، ما يعزز زيادة معدلات النمو عن المستهدف العام الحالي. ومن ذلك ارتفاع:
– الاحتياطيات من العملات الأجنبية إلى حوالي 20.4 مليار دولار.
– السيولة المحلية إلى 44.88 مليار دينار.
– الودائع إلى 46.345 مليار دينار.
– تحويلات المغتربين الأردنيين إلى 1.66 مليار دينار.
– الدخل السياحي إلى 3.515 مليار دينار.
– الصادرات الوطنية إلى 5.66 مليار دينار.
الدستور