مرايا –

قال محمد الجلالي رئيس الوزراء في حكومة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، إنه وافق الاثنين على تسليم السلطة إلى حكومة إنقاذ يقودها مقاتلون من المعارضة، وذلك بعد يوم من سيطرة المقاتلين على العاصمة دمشق وفرار الأسد إلى روسيا.

 

ويأتي الانتقال الوشيك للسلطة بعد حرب أهلية استمرت 13 عاما مما وضع حدا لحكم عائلة الأسد الذي دام أكثر من 50 عاما، وسط تفاؤل السوريين في الداخل وملايين اللاجئين في الخارج بعهد جديد رغم ضبابية المشهد.

 

وعادت حركة المرور بكثافة في دمشق الأحد، مع خروج الناس إلى الشوارع بعد انتهاء فترة حظر تجول تفرضه قوات المعارضة في أوقات المساء، لكن أغلب المتاجر ظلت مغلقة. وتجول مقاتلون من المناطق الريفية النائية في العاصمة، وتجمعوا في ساحة الأمويين بوسط دمشق.

 

وقال فردوس عمر، الذي أوضح أنه كان ضمن مجموعة قاتلت نظام الأسد منذ 2011 ‬‬ويتطلع الآن إلى إلقاء سلاحه والعودة إلى عمله كمزارع “كان لدينا هدف وغاية حققناهما الآن. ونريد أن تتولى الدولة وقوات الأمن المسؤولية”.

 

وقال الجلالي لقناة العربية الاثنين، إنه وافق على تسليم السلطة إلى حكومة الإنقاذ، وهي إدارة تتمركز في جيب صغير من الأرض تسيطر عليه المعارضة في شمال غرب سوريا.

 

وأضاف أن عملية تسليم السلطة قد تستغرق أياما.

 

وقال مصدر مطلع على المناقشات لرويترز، إن زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، التقى خلال الليل مع الجلالي ونائب الرئيس فيصل المقداد لمناقشة الترتيبات الخاصة بحكومة انتقالية.

 

وذكرت قناة الجزيرة التلفزيونية، أن السلطة الانتقالية سيرأسها محمد البشير، الذي كان يدير حكومة الإنقاذ قبل الهجوم الخاطف الذي استمر 12 يوما وانتهى بدخول دمشق.

 

وأكد مصدر مقرب من جماعات المعارضة المسلحة في إدلب أن البشير من بين الأسماء المرشحة لتولي المنصب، دون ورود تأكيد رسمي.

 

وستفتح البنوك السورية أبوابها الثلاثاء، وقال مصدر في مصرف سوريا المركزي ومصدران من مصرفين تجاريين لرويترز، إن الموظفين طُلب منهم العودة إلى العمل.

 

وفي وزارة الداخلية، تعرض أثاث المقر للنهب وتجنب العاملون الذهاب إليه بينما انتشر أفراد مسلحون من قوات المعارضة لحفظ النظام.

 

ودعت وزارة النفط كل الموظفين في القطاع للتوجه إلى أعمالهم اعتبارا من الثلاثاء، وأضافت أنها ستوفر حماية لضمان سلامتهم.

 

والتقدم السريع الذي نفذته قوات المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام، التي كانت مرتبطة في وقت سابق بتنظيم القاعدة، هو أحد أهم نقاط التحول في منطقة الشرق الأوسط منذ عقود.

 

وأنهى تقدم المعارضة حربا أدت إلى مقتل مئات الألوف، وتسببت في واحدة من أكبر أزمات اللاجئين في العصر الحديث، وتعرضت فيها المدن للقصف، وأصبحت مساحات شاسعة من الريف مهجورة، وانهار الاقتصاد بسبب العقوبات العالمية.

 

وبوسع اللاجئين العودة الآن إلى وطنهم من مخيمات في تركيا ولبنان والأردن.

 

“تاريخ جديد”

 

قضى سقوط الأسد على معقل كانت إيران وروسيا تمارسان من خلاله نفوذهما في أنحاء المنطقة.

 

أما تركيا، التي كانت لفترة طويلة متحالفة مع أعداء الأسد، فخرجت من هذه الأزمة أكثر قوة.

 

ويواجه العالم العربي الآن تحديا يتمثل في إعادة دمج سوريا واحتواء إسلاميين أججوا العنف الطائفي في فترات سابقة من خلال تنظيم “داعش” الإرهابي.

 

ولا تزال الأمم المتحدة تصنف هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، لكن الجماعة قضت أعواما في محاولة تحسين صورتها لطمأنة حكومات العالم والأقليات في سوريا.

 

وتعهد الجولاني بإعادة بناء سوريا. وقضى الجولاني سنوات في سجن أميركي بسبب حمله السلاح في العراق لكنه قطع علاقته فيما بعد بتنظيمي القاعدة وتنظيم “داعش” الإرهابي، وتعهد ببناء سوريا.

 

وقال أمام حشد كبير في المسجد الأموي بوسط دمشق الأحد “يُكتب تاريخ جديد يا إخواني في المنطقة كلها بعد هذا النصر العظيم” مشيرا إلى أن بناء سوريا الجديدة، التي قال إنها ستكون “منارة للأمة الإسلامية” يتطلب عملا شاقا.

 

وأعلنت جماعات المعارضة المسلحة عبر قناتها على تيليغرام العفو عن جميع المجندين بموجب الخدمة الإلزامية في عهد الأسد.

 

وعُرف عن دولة الأسد قبل سقوطها أنها واحدة من أشد الأنظمة الحاكمة قسوة في الشرق الأوسط مع وجود مئات الألوف من السجناء السياسيين خلف القضبان في ظروف مروعة.

 

وخرج سجناء تنتابهم حالة من الذهول والبهجة من المعتقلات السورية الأحد.

 

وكانت منطقة ساحل البحر المتوسط، مكان تركز الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد وموقع قاعدة بحرية روسية، واحدة من آخر المناطق التي سقطت في أيدي قوات المعارضة المسلحة.

 

وقال اثنان من السكان العلويين إن الوضع حتى الآن أفضل مما كانا يتوقعان، إذ لم تستهدف طائفتهم بإجراءات انتقامية على ما يبدو.

 

وقال أحدهما إن مقاتلي المعارضة زاروا أحد أصدقائه في منزله وطلبوا منه تسليم أي أسلحة لديه، وقد فعل.

 

وفي قرية القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد، قرب اللاذقية، قال أحد السكان إن وفدا من المعارضة المسلحة دخل إلى القرية والتقى بكبارها ووصف التفاعل بين الطرفين بأنه هادئ. ويوجد في القرية ضريح ضخم لحافظ الأسد الذي تولى السلطة من عام 1970 حتى وفاته في عام 2000.

 

وقال الكرملين إن من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سوريا، مضيفا أن الموضوع سيكون قيد النقاش مع الحكام الجدد في دمشق.

 

وقالت إسرائيل إن سقوط الأسد هو نتيجة مباشرة للهجمات التي شنتها على جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران والتي دعمت الأسد لسنوات.

 

وتقصف إسرائيل مواقع في سوريا منذ دخول المعارضة إلى دمشق. وقال مسؤولون إسرائيليون إن الغارات الجوية ستستمر لأيام لإبقاء ترسانة الأسد “بعيدة عن أيدي الأعداء”.

 

وقالت الولايات المتحدة إن قواتها قصفت نحو 75 هدفا في ضربات جوية على تنظيم “داعش” الإرهابي الأحد. ولواشنطن 900 جندي على الأرض في سوريا يعملون مع قوات يقودها الأكراد في الشرق.