مرايا –
في اللحظة التي تهامست أوساط من النخبة القريبة من واشنطن, بتلاوينها الجمهورية والديمقراطية, عن رفض وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو, لقاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي, حتى اشتعلت التحليلات, عن قرب رحيل الصفدي وهناك من زاد عليه عددًا من الوزراء ليكون الأمر على شكل تعديل حكومي واسع, لكن الأساس الذي تم البناء عليه, هو تسريبة رجال أمريكا في العاصمة عمان وضواحيها, دون حتى التثبت من صحة المعلومة, بحكم مواقف الدولة الأردنية, التي عبر عنها الصفدي بمهارة استثنائية. ليس من المستبعد أن يخرج الرجل من الوزارة, فمن يقوم بالمهمة في زمن الحرب, ليس هو من يكمل مهمته في زمن المفاوضات وانتهاء الحرب أو السلام, ولا أظن الصفدي غائب عن هذه الفكرة, كما أن عقل الدولة يدرك جيدًا أن تغير الحزب الحاكم في واشنطن, وتغير أحزاب حاكمة في كثير من العواصم الأوروبية, يستدعي تغيير وزير الخارجية, فلكل مرحلة رجالها, فكيف إذا كان الوزير الصفدي, يحمل نهجًا مخالفًا ومغايرًا لكل ما تصدح به الحنجرة الأمريكية, التي تؤدي كورالها على نغم ترامب. ليس سرًا ولا خارجًا عن المألوف الأردني, أن رئيس الحكومة يقوم بتعديل وزاري, بعد وقت من عمر حكومته, فثمة من يتعثر من فريقه وثمة من يرسب في فحص تطبيق نظرياته التي جاء بموجبها إلى الحكومة, وثمة من لا تحمل أكتافه حمل الوزارة التي نظّر لها وعليها كثيرًا, ناهيك عن وزراء الاضطرار, سواء لعبور بوابة الثقة أو لتمثيل الجغرافيا والديمغرافيا, وثمة غاطس يحتاج إلى كثير ملاحظة, إن التعديل يكون أحيانًا, لغايات كسر الروتين الأردني, الذي يسأم من بقاء الحكومات لفترة طويلة, فيلجأ الرئيس إلى تعديل, حتى لا تصبح الحكومة في مهب الريح.
التعديل بدأت روائحه بالظهور, فهو مثل شهر رمضان, تبدأ نسائمه بالهبوب, قبل أن يحدث, ولعل نسائم التعديل قد بدأت, ليس فقط من تسريبة رجال أمريكا في العاصمة, حيال الوزير الصفدي, بل من حجم التسريبات التي بدأت تطال وزراء في حكومة د. جعفر حسان, وتتحدث عن تصاريح عمل سخية لجهة نقابية, وتعيينات في وزارة خدمية فاقت المائة وخمسين بوظيفة مأمور مقسم, علمًا أننا في زمن الديجتال, وقوائم الإعفاءات الطبية من خزينة الحكومة, ناهيك عن تعيينات وإقالات غير مفهومة في جهات متعددة. الرئيس يدرك ويسمع, عن وزراء باتوا مصدر قلق وإزعاج لفريقه الحكومي, ولربما عرف أن فريقه الاقتصادي وإن كان يسير بخطوات مقبولة إلا انه لم يقدم بعد ما يجعل المواطن قريب من الثقة بالمستقبل, ربما لغياب رئيس للفريق برتبة متقدمة كما جرت العادة, وربما لأن الموروث كبير ومعيق, وربما كما تقول المصادر أنه ضعيف في مفاصل كثيرة, وتحديدًا في مفاصل خدماتية واستثمارية, رغم أنه أسهم في إزالة الغام كثيرة وقام بمراجعات إجرائية مهمة, وربما يعلم أن فريقه الإداري هو الأكثر تحقيقًا للمستهدفات المرجوة, بهدوء ووقار ودون ضجيج واستعراض.
الوزراء الحزبيون في الحكومة أيضًا كان حالهم ربما الأسوء بين نظرائهم, فهم لم ينجحوا في تقديم مفارقة في العمل والإنجاز, بل أن أحدهم هو الأكثر تاثيرًا بالمنحنى السلبي على حكومة حسان, ليس ثمة وقت محدد لقيام حسان بعملية تجميلية لحكومته, ولكن المؤشرات تقول أنها ليست بعيدة, وربما في الصيف, تحديدًا وإن مصادر أكدت, أن الدورة العادية سيجري تمديدها دون الحاجة لدورة استثنائية, إن أرادت الحكومة بعض الوقت لإنجاز قوانين مستعجلة, وهو ظرف يجعل الرئيس يقوم بتعديله دون ضغط النواب وتدخلاتهم.